للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل المعنى: فطرة الله التي فطر الناس عليها منيبين إليه، أي: فطرهم منيبين إليه مخلصين في حال الابتداء.

وهذا القول من قائله بناءا على ما قاله أهل التفسير في كتبهم، وما ذهب إليه أيضا أهل العلم مثل الأوزاعي وحماد بن سلمة وغيرهما (١)، (ق.١٣٥.أ) إذ فسروا جميعا هذه الآية مع قوله: «كل مولود يولد على الفطرة» بقوله: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: ١٧٢].

فأخذ تعالى عليهم العهد بذلك وهم أمثال الذر , فكل مولود على ذلك العهد يولد كما تقدم، وهذا يدل على أن قوله: «كل مولود يولد على الفطرة» محمول عندهم على جميع ولد آدم على الاستغراق.

وقد ذهبت طائفة إلى أن الحديث لايحمل على العموم في بني آدم كلهم.

ذكر ذلك أبو عمر بن عبد البر في التمهيد (٢) والاستذكار (٣) فإنه لما تكلم على هذا الحديث فيهما قال: اختلف أهل العلم في معنى قوله: «كل مولود يولد على الفطرة» فقالت طائفة: ليس في قوله: «كل مولود» ما يقتضي العموم , لأن المعنى في ذلك أن كل من ولد على الفطرة وكان له


(١) التمهيد (١٨/ ٩٣)، والفتح (٣/ ٢٤٩).
(٢) (١٨/ ٦٠).
(٣) (٣/ ٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>