قالوا: ففي هذين الحديثين ما يدل على أن المعنى في قوله: «كل مولود يولد على الفطرة» ليس على عمومه، وأن المعنى فيه: إن كل من ولد على الفطرة وأبواه يهوديان أو نصرانيان فإنهما يهودانه أو ينصرانه، أي يحكم له بحكمهما في الميراث وفي دفنه مع أبويه ونحو ذلك مادام صغيرا، ودفعوا رواية من روى: كل بني آدم يولد على الفطرة، قالوا: ولو صح هذا اللفظ لما كان فيه حجة، لأن الخصوص جائز دخوله على هذا اللفط في لسان (ق.١٣٥.ب) العرب.
ألا ترى إلى قول الله عز وجل:{تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ}[الأحقاف: ٢٥]، ولم تدمر السماوات والأرض، وقوله:{َفتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ}[الأنعام: ٤٤] ولم تفتح عليهم أبواب الرحمة.
ومما احتجوا به أيضا ما رواه أبو رجاء العطاردي عن سمرة بن جندب في الحديث الطويل حديث الرؤيا، وفيه عن النبي - عليه السلام -: «وأما الرجل الطويل الذي في الروضة فإنه إبراهيم، وأما الولدان حوله فكل مولود يولد على الفطرة»(١).