للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيسبقه، فإن اتفق أن يطلق على ذلك الجواد بأنه سابق، فمعنى كلام القائل (١) إنه سابق بكونه قد سبق غيره (قبل) (٢)، أو بتقدير أنه يسبق غيره بعد.

فإذا فهم ما قررناه علم (منه) (٣) أن السابقين إنما سموا بهذا الاسم لأنهم تقدموا غيرهم وأحرزوا قصب السبق دونهم، وذلك إما بالإيمان بالله أولا عند بعثة الرسل، ثم بالأعمال الصالحة ثانيا عند استقرار الشرائع، وإما بهما معا لمن دخل في الملل بعد ذلك أو لمن ولد فيها.

ويدل على ما قلناه من أن السابق إنما يفهم معناه بالإضافة إلى غيره قول الله تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ} [فاطر: ٣٢].

فقال: {وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ} [فاطر: ٣٢]، لأجل سبقه للمقتصد وللظالم.

وكذلك قال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ} [التوبة: ١٠٠]، لأجل سبقهم الناس إلى الإيمان بالله ورسوله، ولذلك قال فيهم: {الأَوَّلُونَ}.

وقال في موضع آخر: {أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ} [المؤمنون: ٦١].


(١) في (ب): فمقصود القائل.
(٢) بياض في (أ)، وأتممته من (ب).
(٣) بياض في (أ)، وأتممته من (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>