ثم نظرنا في كثير الخير كثير الشر مع قليل الشر قليل الخير، فوجدناهما قد اختلفا في كمية الشر وكمية الخير، وقد علمنا أن الأكثر خيرا أسرع خروجا من النار، وأن الأكثر شرا أكثر عقوبة، فصح أن الأكثر شرا يقدم بيقين في الدخول في النار قبل الأقل منه شرا، وأنه أيضا وإن تقدم في دخول النار، فإنه المقدم في الخروج منها قبل الآخر، لأنه أكثر منه خيرا.
وأن القليل الشر وإن تأخر في دخول النار بعد الذي هو أكثر منه شرا، فإنه أيضا يتأخر في الخروج منها بعده، لأنه أقل منه خيرا.
أو وجه آخر، وهو: أن يدخلا النار معا ويزاد في عذاب الأكثر شرا ليُستوفى القصاص منه في قليل المدة فيخرج قبل الذي هو أقل خيرا منه ولابد، ويفتر في عذاب الأقل شرا، وتطول مدته، فيكون خروجه منها ولابد مع طبقته، وبعد خروج من هو أكثر خيرا منه، هذا ما لا يمكن سواه أصلا.
ثم نظرنا في كثير الخير قليل الشر مع قليل الخير كثير الشر فوجدناهما قد اختلفا في قلة الخير وكثرته، وفي قلة الشر وكثرته، فعلمنا يقينا أن الأكثر شرا يدخل النار قبل الأقل شرا، وأنه أيضا يخرج منها بعده لقلة خيره عن خير الآخر.
والوجه الآخر، وهو: أن يدخلا معا في النار فيتم القصاص من القليل الشر قبل تمام القصاص من الأكثر منه شرا، فيخرج الأكثر خيرا قبل خروج الأقل خيرا ولابد.
ثم نظرنا في كثير الخير كثير الشر مع قليل الخير كثير الشر فوجدناهما متفقين في كثرة الشر مختلفين في قلة الخير وكثرته، فالأكثر