للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مبرراً لتدخلهم السافر , بحجة التأديب والانتقام , أو حجة حماية الأقليات , أو بحجة العمل على فرض الأمن والاستقرار , أو حجة تلبية طلب بعض أهل البلاد لنجدتهم , أو حجة التمدين والمساعدة على التقدم , أو حجة تماثل بحجة الذئب ضد الخروف في الحمام , إذ قال الذئب للخروف بعد أن نظر إليه بشراسة ولؤم ونهم إلى افتراسه: لماذا تثير الغبار علي أيها الخروف الوقح؟ . فقال له الخروف: وهل في الحمام يا صاحب السلطان والصولجان غبار؟ ألا ترى أنه لا يوجد في الحمام إلا بلاط وماء , ولكن قل لي: أريد أن آكلك , وكفى , ولا تفتعل المبررات المرفوضة شكلاً وموضوعاً , فغريزة العدوان وحب السطو في نفسك كافية لأن تبرر لك كل جريمة , ولكن الذئب اعتبر كشف هذه الحقيقة إهانة بالغة له فسطا على الخروف فأكله وأخرس لسانه. ثم التفت فرأى في ناحية نائية من الحمام خروفاً آخر , فقال له: وأنت؟! . فقال له الخروف: أما أنا فلم أثر غباراً ولم أوجه اعتراضاً. فقال له الذئب: ولكنك من صنف من اعترض علي وناقشني , ثم سطا عليه وافترسه.

وهكذا يتم بسط نفوذ الطامعين , حينما تتوافر لديهم القوى المادية الكافية , أو حينما تنجح حيلهم التي تظفرهم بمطامعهم , دون أن يكلفهم الظفر بها نفقات كثيرة ودماء غزيرة , وقتالاً مضنياً. أخرى , استطاعت أن تصمد لكل محاولات الهدم الظالمة الآثمة , التي يوجهها الأعداء الغزاة ضدها.

[(٢) وسائل الغزو غير المسلح]

وأما سوائل الغزو غير المسلح فكثيرة جداً يخططها الدهاء والمكر الشديد , وينفذها الجد والصبر وطول الأمل , ومن هذه الوسائل ما يلي:

١- الوجوه المستعارة التي تظهر معاني إنسانية جميلة يستأنس بها الناس , وتخفي من ورائها رؤوس ونفوس الوحوش الضاريات.

٢- الخداع السياسي , وتتولاه الأجهزة السياسية للدول ذات المطامع بالسيطرة , ولهذا الخداع أشكال مختلفة كثيرة , تعتمد على الكذب والنفاق والحيلة والاستدراج والدفع إلى المزالق.

<<  <   >  >>