فعملوا على سلب هذه الروح المعنوية العظيمة من أفراد الجيوش داخل البلاد الإسلامية , وعملوا على تبديل غاياتهم المثلى بغايات جاهلية , ثم عملوا على استدراجهم إلى الحجرات المظلمة العفنة المنتنة المخمورة , التي تتراقص على أبوابها الأضواء الخافتة الحمر , بغية أن يذبحوا فيها حياتهم العقلية والنفسية , ويسلبوهم قواهم الجسدية , ويسترقوا منهم الأسرار العسكرية الخطيرة , ويجعلوهم دمى فارغة من معاني الإنسانية الفاضلة , ولكن يبقون لهم المظهر الخادع الذي يغري صاحبه بالتعاظم الفارغ الحقير , ثم انخرط فريق من هؤلاء في حمأة السياسة العفنة ومطامع الحكم , فاشتريت ضمائرهم , واستنزلوا من قبل الشياطين , وقفزوا إلى الحكم ليكونوا أجراء للأعداء , وينفذوا مخططاتهم بدقة تامة على ما يريدون.
* * *
[الوسيلة السابعة: استخدام المسكرات والمخدرات]
خلق المسلم الملتزم بالتعاليم الإسلامية لا يسمح له بأن تأسره عادة منحرفة ضارة , مضيعة لعقله , متلفة لجسده , مغضبة لربه.
وحين اكتسب المسلمون الأولون خلق الطاعة لله ولرسوله استطاعوا أن يخالفوا نفوسهم بإرادة حازمة قوية , وأن يغيروا عادتهم في شرب الخمور , وقد كانت فيهم عادة آسرة , وحينما نزل حكم الله بتحريم الخمر أسرع المسلمون فأراقوا قدورها , حتى جرت بها سكك المدينة , ولم تتحسر نفوسهم عليها , ولم يعتبروا ذلك إتلافاً لمال , مع أنهم كانوا يغالون في أثمانها على عادتهم في الجاهلية , ونزل قوله الله تعالى في سورة (المائدة / ٥ مصحف / ١١٢ نزول) :
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَآءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُّنتَهُونَ} .