[(٩) غزو اللغة العربية بالمفردات الأجنبية الدخيلة]
في العالم العربي غزو جديد تعرضت له اللغة العربية، إنه غزو متنها بالمفردات الكثيرة الدخيلة من اللغات الأجنبية الشرقية أو الغربية، مع إمكان ترجمة هذه المفردات بما يفهمه الناطق العربي من لغته.
وقد نَفَّذ هذا الغزو بقصد أو بدون قصد مترجمو الكتب والبحوث الأجنبية، وفي مقدمتهم مستوردو الأفكار التي يريدون لها أن تغزو المعاقل الإسلامية، وتكسر أسوار الحصون الفكرية عند المسلمين، وقد تعمد هؤلاء أن يبقوا لهذه الألفاظ ظلها الغامض، حتى يكون لغموضها إشعاع سحري يجعل لها تأثيراً على نفوس أمثال الببغاوات، من البسطاء الذين تعلموا صناعة الكتابة والقراءة، فهؤلاء يرددونها دون أن يفقهوا معانيها وما ترمي إليه , كما يسمح لها أن تهيمن على عقول العامة الذين يستسلمون للذين يرددونها , كما استسلموا من قبل لموجة العلوم المادية الحديثة ومصطلحاتها , واضطروا أن يقبلوا بها في مجالات كثيرة , وأهمها المجال الطبي الذين يسمعون فيه حشداً لا حصر له من أسماء الأدوية المستوردة , التي لا حيلة في ترجمتها , وهم يظنون أن كل ما يأتي به العلم الحديث ينبغي أن يكون بلغة لا يفهمونها.
وامتلأت الكتب الحديثة والصحف والمجلات والخطابات والمحاضرات في الأندية والإذاعات وسائر وسائل الإعلام , بهذا السيل المخيف المتدفق على متن اللغة العربية من المفردات الدخيلة الشرقية والغربية.
ولست أدري ما حاجة اللغة العربية إلى إدخال مثل كلمة "بيولوجي" في متنها , مع إمكان ترجمتها بما يساوي معناها المراد , وهو "علم الحياة". أو إدخال مثل كلمة "فيزيولوجي" مع إمكان ترجمتها بما يساوي معناها , وهو "علم وظائف الأعضاء". أو إدخال مثل كلمة "سيكلوجي" مع إمكان ترجمتها بما يساوي معناها , وهو "علم النفس".
ونظيرها كلمات كثيرة , مثل: "جيولوجي - ايديولوجي - سيسيولوجي -