ويفعل المستعمرون مثل ذلك بين المنتسبين إلى الفرق والطوائف والمذاهب الإسلامية , فيمعنون في التفرقة مثلاً بين سني وشيعي من المسلمين , وبين كل طائفة وأخرى , وكل أتباع مذهب وأتباع مذهب آخر , وهكذا إلى غير حد من وسائل التجزئة , التي مهروا في اصطناعها مهارة بلغت الغاية من المكر والدهاء , والكيد للإسلام والمسلمين.
فهل يتيقظ المسلمون فينفوا عنهم عوامل التفرقة , ويجتثوا ما زرعه أعداؤهم فيهم؟
[(٥) التقسيم الطبقي]
ومن التجزئة التي تعمل لها جيوش الغزاة لهدم وحدة المسلمين , ما يدسونه في صفوفهم من بواعث فوارق طبقية مختلفة , من شأنها أن تجزئ الأمة إلى وحدات وفرق وطبقات تتصارع فيما بينها , فتبدد بأيديها طاقاتها التي كان من الممكن أن تتجمع وتتوحد , وتكون قوة ذات شأن في الأرض , تعيد إلى المسلمين مكانهم الطبيعي القيادي بين الأمم.
فمن الغزاة من يحمل بين صفوف المسلمين شعار وحدة الطبقة العاملة , ومنهم من يهمس بين صفوفهم بوحدة الطبقة المستغلة , وكلا الاتجاهين يهدفان إلى غاية واحدة , هي هدم البنيان الواحد الذي يمسك بعضه بعضاً , ويكوِّن الأمة الإسلامية الواحدة , وهدم هذا البنيان المعقود عقداً محكماً قد يكون بنزع القفل الصلب الذي يمسكه , كما لو نزع قفل البرج العظيم انهارت جوانبه , وتناثرت أحجاره , وتهاوى يحطم بعضه بعضاً , بعد أن كان يشد بعضه بعضاً. وقد لا يكون الفرق بين موجبات الاستمرار ومسببات الانهيار كبيراً , إذ يكفي إيجاد خلل يسير لهدم صرح شامخ.
وكثيراً ما يستغفل أعداء الإسلام بعض المسلمين لتبني أمر يؤدي في النتيجة إلى هدم بناء الأمة الإسلامية , ثم يسخرونهم عمالاً يحملون عنهم