فإذا دخلنا محاكم القضاء في معظم البلاد الإسلامية وجدنا روح القوانين الأوربية هي النافذة فيها، وإذا دخلنا في أي مجال اقتصادي وجدنا أسس النظم الاقتصادي الأوربيّة اليهودية هي السائدة والمهيمنة على كل شيء فيها، وإذا راقبنا الأسس القائمة عليها سياسة معظم هذه البلاد الإسلامية وجدناها أسساً أوربية شرقية أو غربية، بعيدة عن الأسس الإسلامية التي كان بها مجد المسلمين وعزهم، وما زال تحقيق مجدهم وعزهم رهناً بتطبيقها.
وإن يوم الخلاص من تسلط أعداء الإسلام على المسلمين هو يوم عودة المسلمين إلى تطبيق نظم دينهم الشاملة لنواحي حياتهم كلها دون تجزئة، أو مساومة أو نفاق.
[(٦) محاولة إلغاء تطبيق أحكام الأحوال الشخصية الإسلامية]
عقب خطة التحوير الذي دسه أعداء الإسلام في عبارة:(الدين لله) واستغلال هذا التحوير لتسلل القوانين الوضعية؛ واحتلالها معظم أجهزة الحكم والإدارة في البلاد الإسلامية، ومعظم مجالات الحياة فيها، وفي مرحلة من مراحل الغزو المباشر على الشريعة الإسلامية، اتجهت السلطات الاستعمارية إلى تغيير أحكام الأحوال الشخصية الإسلامية في بلاد المسلمين، وإحلال قوانين مدنية غير إسلامية محلها، واتخذت لذلك وسائل مختلفة شتى.
ومن أمثلة ذلك ما فعلته السلطة الاستعمارية الفرنسية التي كانت تحكم سورية أيام الانتداب، إذ أصدرت قراراً بقانون يتعلق بالأحوال الشخصية، ليطق على الرعايا السوريين جميعاً مسلمين وغير مسلمين، واشتهر هذا القانون في حينه باسم قانون الطوائف.
وقد تضمن هذا القانون أحكاماً تناقض أحكام الشريعة الإسلامية، فيما يتعلق بالأحوال الشخصية، إذ يسمح بموجب أحكام هذا القانون لأي رجل من أية طائفة أن يتزوج بأية امرأة، دون أن يستطيع أولياء المرأة الاعتراض على هذا