للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتجزئتها بأي ثمن , وتلتقي قوتاهما _ على اختلافهما وتنازعهما _ عند خط تجزئة المجتمع الإسلامي , تجزئة تهدم عوالم قوته وتماسكه.

[(٦) هدم الخلافة الإسلامية]

وفي خطة تحطيم وحدة المسلمين , وتجزئتهم إلى أجزاء متفرقة كثيرة , عملت جيوش الغزاة بكل ما لديها من وسائل معنوية ومادية , لهدم الخلافة الإسلامية , لأن هذه الخلافة _ مهما كان شأنها _ تمثل الحزام الذي يجمع المسلمين في شتى أقطار الأرض , أو الرمز السياسي الذي يجعلهم يلتقون التقاء ما تحت راية سياسية واحدة , وهذا الأمر يقض مضاجع الأعداء , وإن وصل به الضعف إلى أن غدا رمزاً ليس له أي سلطان فعلي.

وذلك لأن بقاء أمر الخلافة مقروناً بالدوافع والمحرضات الدينية التي قد تحيي ما مات منه , وقد تعيده إلى بعض مراكز قوته الأصلية , مما تخشاه جيوش الغزاة خشية كبيرة , نظراً إلى ما للشعوب المسلمة من وزن عظيم في العالم , تمثله أعدادهم البشرية , ورقعة الأرض التي يملكونها وما فيها من خيرات وكنوز كثيرة , وما لهم من تاريخ حضاري غابر , قد يحرك فيهم بواعث نهضة حضارية جديدة , تستطيع أن تنافس وتسابق الحضارة الغربية المادية الحديثة , فيما لو أطلقت أيديها المغلولة , مضافاً إليها سبقهم الحضاري العظيم في عقائدهم , وفي مفاهيمهم الأخلاقية , وفي أسس بناء أمتهم بناء متماسكاً متيناً , على أصول الحق والعدل والخير ونشدان الكمال , والبعد عن الباطل والظلم والشرب والرضى بالدنايا.

وظلت الخلافة الإسلامية رمزاً لوحدة المسلمين في أقطار الأرض , حتى عام (١٩٢٤م) وفي أوائل شهر آذار (مارس) ألغى "كمال أتاتورك" الخلافة الإسلامية العثمانية من تركيا , وكان ذلك في ظروف سياسية هيأت له الذرائع للقيام بهذا العمل الخطير.

ومن المعلوم أن الخلافة قد تم هدم مضمونها قبل ذلك , منذ نجحت

<<  <   >  >>