للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثورة التي دبرت ضد السلطان عبد الحميد في عام (١٩٠٨م) والتي قادها العسكريون من أعضاء "جمعية الاتحاد والترقي" الموجهون من قبل المحافل الماسونية , التي كانت تعمل بوحي من الدسائس الاستعمارية من جهة , والدسائس اليهودية من جهة أخرى أشد من الأولى مكراً , وأكثر عمقاً , وأصبح هؤلاء العسكريون هم حكام البلاد في الحقيقة , وعلى أيديهم تمت هزيمة تركيا في الحرب العالمية الأولى , وأمست الخلافة بعد السلطان عبد الحميد رمزاً لا مضمون له , إذ تولاها بعده السلطان "محمد رشاد" الذي لقب بالسلطان "محمد الخامس" ثم تلاه السلطان "محمد السادس" ثم تلاه السلطان "عبد المجيد" وكان هذا آخر الخلفاء الرمزيين , حين أعلن "كمال أتاتورك" إلغاء الخلافة.

وكان ما جرى تنفيذاً دقيقاً لما رسمته جيوش الغزاة من خطط لهدم الخلافة الإسلامية , إذ كانت هذه الخلافة على ما وصلت إليه من ضعف بمثابة سور عظيم , متعب لجيوش الغزاة الطامعين , يلم الشعوب الإسلامية على اختلاف لغاتها , وألوانها وأعراقها , وعلى تباعد مواطنها , في إطار سياسي واحد , مهما كان مبلغه من الضعف والرمزية.

واستقبل العالم الإسلامي نبأ إلغاء الخلافة بحزن شديد وألم ممض , فقد كانت لهم التاج العظيم الذي توارثوه أكثر من ألف سنة , وكان وجود الخلافة في المسلمين يتضمن لديهم المعاني التالية:

الأول: أن بقاء الخلافة يعني وجود نظام سياسي يجمع شمل المسلمين , مهما بلغ واقع حال هذا النظام إلى مستوى محزن من الضعف والرمزية , بفعل الدسائس الاستعمارية.

الثاني: أن بقاء الخلافة دليل على استمرار تاريخ المسلمين , في ظل شعار سياسي واحد.

الثالث: أن بقاء الخلافة يعني بقاء الرباط الذي يبرر للمسلمين الاشتراك والمساهمة في الدفاع الدولي عن بلاد المسلمين وحقوقهم , وإقامة ألوان التعاون فيما بينهم.

<<  <   >  >>