الزواج بمخالفته أحكام الشريعة الإسلامية، إلى غير ذلك من مواد تقنينية مسايرة للقوانين المطبقة في فرنسا.
وضج علماء المسلمين من هذا القانون، وتحركت الجماهير المسلمة بقيادة علمائها ثائرة عليه، مستنكرة له، تطالب بإلغائه فوراً، وتنذر بقيام ثورة، واضطرت السلطات المستعمرة إلى إلغائه قبل أن يوضع موضع التنفيذ، وانطوت صفحة من صفحات كفاح المسلمين.
وللتاريخ أذكر أن الذي أثار الحركة وقادها في حينها والدي سماحة الشيخ حسن حبنكة الميداني، وقد أيدته الجماهير المسلمة، وكتب الله له النصر في المعركة وتم إلغاء قانون الطوائف.
ولكن الدوائر الاستعمارية عملت ما هو أدهى وأمرّ من فرض أنظمتها وقوانينها بقرارات تصدرها هي، فقد قامت بتربية جيل حديث داخل صفوف المسلمين، متحلل من الإسلام، غير عابئٍ بأحكامه وشرائعه، يعمل على وضع قوانين وأنظمة للبلاد الإسلامية أفحش من قانون الطوائف الذي ثار عليه المسلمون من قبل، ويأتي إلى أسس الدين الإسلامي وأصوله، فيقتلعها من جذورها، ويضطهد علماء المسلمين، الذين كافحوا الاستعمار بالأمس، وقاوموه أشد المقاومة، وأججوا عليه نار الثورات التي نغصت عليه مقامه في البلاد.
وهكذا نفذ أعداء الإسلام ما يريدونه في المسلمين، دون أن يباشروا بأيديهم لهيب النار، أو يمسوا جمراتها، واتخذوا لذلك الوسائل الهادئة، والخطوط الطويلة الأمد، التي تحقق أغراضهم بعد حين، بينما تكون ضحاياهم غافلة عما يمكرون، مشغولة في دوامة المظاهر الغوغائية الخادعة، التي لا تلبث أن تجد نفسها في الفخ الذي نصبه العدو، لينطبق على فريسته في اليوم المقدر له. إنه لون عجيب من ألوان الكيد الذي يدبره أعداء الإسلام على اختلاف اتجاهاتهم، وتعدد بلدانهم، وينفذونه في صفوف المسلمين تنفيذاً بارعاً،! لا تنكشف فيه يد المجرم الحقيقي.
أما الذين يباشرون الجريمة فما هم في نظر العدو إلا أدوات، إن سلمت فربما سر العدو سلامتها ليتابع استخدامها مرة أخرى، وإن لم تسلم لم يحزن