للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسمع ذلك عمر بن الخطاب فقال: انتهينا يا رب انتهينا، وانتهى المسلمون عنها وأطاعوا لأمر ربهم.

وقد عرف الأعداء الغزاة - بدراساتهم وخبراتهم - ما في المسكرات والمخدرات من مضار شديدة عقلية وجسدية ونفسية وخلقية، فعملوا بطرقٍ مباشرة أو غير مباشرة على نشر تعاطيهما في الشبان من أبناء المسلمين، وفي كل مخالطيهم، واتخذوا لذلك عدة وسائل، فكان مما فعلوه تشجيعهم المادي والمعنوي على زيادة حانات الخمر، وتوسيع دائرة انتشارها فيما استعمروا من بلاد المسلمين، وإمداد الشعوب الإسلامية بأنواعها المختلفة واتخاذ الوسائل الخفية لتسللها إلى البلاد التي تحرم استيرادها وتؤاخذ على تعاطيها بحكم الإسلام، وأخذوا يستدرجون الذين يخالطونهم من المسلمين إلى تجرعها شيئاً فشيئاً، بمختلف الوسائل الماكرة، ويقدمونها إليهم بأيدي الكوافر العواهر، ليفقدوا قوى المقاومة في عنف الرغبة المشبوبة إلى ارتكاب الإثم، ثم يكون من وراء جرعات التجربة أو الإرضاء جرعات كثيرة تدفع بمتعاطيها إلى اعتيادها، ثم إلى إدمانها، ثم إلى تضييع صوابه، وإتلاف جسمه وماله على أبواب حاناتها.

ونشط تجارهم في جلب أصنافها الكثيرة، وأخذوا ينشرون بين الناس شباكهم المتنوعة، ويبثون شياطينهم وأجراءهم، كي يستدرجوا أبناء المسلمين إلى موائد الخمر، والأسرّة الحمر، بغية استنزاف نفوسهم وعقولهم وأموالهم، وبغية إفساد أخلاقهم وآدابهم، وتحويل المجتمعات الإسلامية عن دينها، واستدراجها إلى مواقع أعدائها.

وقد دلت التجارب على أن الشرور وقبائح الأعمال يستدعي بعضها بعضاً، ويرتبط بعضها ببعض، فموائد الخمر تستدعي موائد القمار وجلسات الاستمتاع الحرام، ثم تجر إلى غرف الفاحشة، وكل قذارات السلوك هذه تجر إلى رذائل العداوة والبغضاء، ثم إلى جرائم القتل والخيانة العظمى، ثم إلى تسليم مفاتيح البلاد إلى أعدائها الطامعين بخيراتها، الظامئين إلى بسط سلطانهم على مقاليد أمورها. وهي على وجه العموم تصد مرتاديها عن كل

<<  <   >  >>