ويصنعون نظير ذلك داخل المؤسسات العسكرية، حيث تتجمع أثقال القوى المسلحة، ولهم في هذا المجال أهداف أخرى تضاف إلى أهدافهم العامة، وهذه الأهداف تمليها مخططات الأجهزة السياسية والعسكرية الاستعمارية الرامية إلى تسخير جيوش البلاد الإسلامية في تحقيق مصالح أعداء الإسلام بطرقٍ سلبية تارة وإيجابية أخرى.
ومن الطرق السلبية تجميد الجيوش الإسلامية عن القيام بأي عمل يفيد المسلمين أو يعمل على تحريرهم من عدوهم، ومن الطرق الإيجابية تحريض هذه الجيوش أو عناصر منها على ضرب العناصر المسلمة باسم الإصلاح، وتوجيهها ضد كل إصلاح وتعمير للمسلمين. ويستغل الأعداء الغزاة من وراء الستار رغبات التسلط التي يشعر بها من تتجمع لديهم قوى مسلحة قادرة على التسلط.
ويتجلى التمييز الطائفي أيضاً في معظم المجالات العلمية، لا سيما مجالات العلوم العملية، ومجالات اكتساب الخبرات الفنية والصناعية والمهارات الإنتاجية المختلفة، ولا تخفى أهداف التمييز الطائفي في هذا المجال، منها محاولة إبقاء المسلمين في مناطق التخلف والضعف.
وحينما نمرّ على المواد القانونية الصادرة في ظل الاستعمار نلاحظ فيها أمثلة كثيرة للتمييز الطائفي المتعمد. ففي القوانين الجمركية نلاحظ إعفاءات خاصة بالمستوردات ذات الطابع الطائفي، وبمستوردات المؤسسات التبشيرية التعليمية والصحية وغيرها، في حين أن كثيراً من هذه المستوردات قد كان ينزل إلى الأسواق التجارية العامة ليباع بأسعار البضائع التي يدفع المستهلكون ضرائبها الجمركية لصندوق الدولة، بينما تضيف المؤسسات الطائفية نسب الضريبة إلى أربحاها النقدية، في حين أن معظم المؤسسات الإسلامية لم تكن تتمتع بهذه الإعفاءات من الضريبة بشكل قانوني أو بشكل عملي. ونجد مثل ذلك أيضاً في قوانين الضرائب المختلفة.
ويظهر التمييز الطائفي في الحريات السياسية، وفي الحريات الدينية، وفي نسبة مقاعد التمثيل النيابي، كلما وجدت السلطات الاستعمارية سبيلاً إلى