للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جامحة، أو عادة مستحكمة جانحة. وحينما تكون المفاهيم منحرفة عن منهج الحق فإن السلوك في غالب أحواله يكون منحرفا عن الصراط المستقيم، إذ يحلو للإنسان عندئذ أن ينطلق ويتفلت من الضوابط الدينية والخلقية، والروابط الاجتماعية، والقيود الحادة من حرية أهوائه وشهواته فيشذ وينحرف، وتقوده الشياطين والطواغيت إلى مواطن هلاكه.

وقد تناول هذا البثُّ التضليلي التحويل عن معظم الأسس التي تتكون عنها عناصر الشخصية الإسلامية الفذة، وعناصر الأمة الإسلامية الكبرى ذات الوحدة العالمية، التي ليس لها حدود قومية ولا عرقية ولا لغوية ولا إقليمية، وإنما لها حدود فكرية يدخل الحق في إطارها ويخرج الباطل عنه، ولها حدود خلقية وعملية تضم أنواع الخير في داخلها، وتمنع أنواع الشر والرذيلة من أن تقرب منها.

وهذه التضليلات الفكرية التي تبثها الأجهزة الاستعمارية والتبشيرية والاستشراقية والإلحادية كثيرة جداً، ربما يملأ الحديث عنها مجموعة من مجلدات البحث العلمي الهادئ، الخالي من الثورات الانفعالية، والجمل الخطابية الجوفاء.

فمن هذه التضليلات ما يكون الغرض منه النفوذ إلى أسس العقائد والتشريعات الإسلامية الربانية الحقة، بغية اقتلاعها من عقول فريق من أبناء المسلمين وقلوبهم، وبذلك يتكون منهم فيلقٌ مرتدٌٌ عن الإسلام، خارج عن الملة، معادٍ للمسلمين، مهمته تحويل الأجيال الناشئة عن دينها، وتجنيدها في جيوش الردة.

ومن هذه التضليلات ما يكون الغرض منه إيجاد فريق من المسلمين يتحلون باسم الإسلام، ويتعصبون له تعصباً شديداً، ولكن المفاهيم التي يستمسكون بها على أنها جزءٌ من الإسلام مفاهيم فاسدة مدسوسة، ليست من الإسلام في شيء، فلا يشهد لصحتها نص ولا إجماع ولا قياس صحيح، وقد تشهد هذه المصادر على عكسها، ويمثل هذا الفرق قوة الصد عن الإسلام

<<  <   >  >>