للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا النفر الذي قتل في أحد. إذ كان رأي زعيم المنافقين عبد الله بن أبي بن سلول عدم الخروج من المدينة إلى ملاقاة المشركين في أحد، وانخذل عن الرسول هو والمنافقون معه وكانوا قرابة ثلث الجيش.

وكانت مقالة المنافقين بعد أن حصل ما حصل للمسلمين في الموقعة لوناً ماكراً من ألوان تثبيط القوى الإسلامية عن الجهاد في سبيل الله، والخروج إلى مقارعة حملة ألوية الكفر.

لذلك كان لا بد للعقيدة الإسلامية الصحيحة حول القضاء والقدر من أن تقف موقفاً حازماً جازماً لا تردد فيه، تثبيتاً لقلوب المؤمنين، ورداً لكيد المنافقين، فينزل القرآن معلناً أن الذين قتلوا من المسلمين في أحد قد قتلوا بآجالهم المقررة لهم في قضاء الله وقدره، وقضوا حياتهم في مصارعهم المقدر لهم أن يموتوا فيها. فلو أن المعركة كلها لم تحصل، ولم يخرج المسلمون من المدينة إلى قتال عدوهم، لخرج الذين كتب عليهم القتل بسبب آخر إلى موطن المعركة، ولكان مصيرهم القتل، ولكانت مضاجعهم هي مصارعهم، قال الله تعالى في سورة (آل عمران/٣ مصحف/٨٩ نزول) :

{

يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} .

على مثل هذا يكون استعمال العقيدة بالقضاء والقدر، والتوكل على الله، والرضى عن الله والتسليم التام له فيما تجري به مقاديره، تقوية لقلوب المؤمنين وتثبيتاً، وتطهيراً لها من عوامل الخوف والقلق والاضطراب والجزع.

أما الجنوح بهذه العقيدة إلى المعنى المغمور بالضعف والتخاذل، وترك مباشرة الأسباب، والرضى بأية نتيجة تأتي من جراء ترك ما أوجب الله اتخاذه، فهو جنوح عن أساس العقيدة الإسلامية، التي ألزمنا الله باعتناقها والاستمساك بها.

والفهم الإسلامي الصحيح في هذا صراط وسط بين منحدرين،

<<  <   >  >>