للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بينهم، وستعمل مجموعة من الأحداث التاريخية على تعميم الفرقة، وترسيخ قواعد السدود بترسبات تصطنعها العصبيات القومية، وبعض الخلافات السياسية والاقتصادية.

ولكن القضية تحتاج إلى تجنيد جنود كثيرين يحسنون استخدام هذا السلاح، ويعملون على بث الفكرة القومية بين صفوف المسلمين، وقد استخدم أعداء الإسلام للوصول إلى هذه الغاية عدة وسائل:

١- فكان منها أولاً العمل على هدم الخلافة الإسلامية، بإثارة نزعة القومية العربية، مستفيدين من الأخطاء الكثيرة التي انتهى إليها الحكم التركي، بفعل الدسائس اليهودية والأوربية التي أوحت بهذه الأخطاء، وأسهمت في انتشارها، ثم عرفت كيف تستفيد منها بتحريض القوميات غير التركية على السلطان التركي، ومنها الأمة العربية.

وكانت الخديعة الكبرى التي انزلقت فيها الشعوب العربية تحت شعار التحرر القومي، والتي انتهت بهم إلى التجزئة، وكانت هذه الخديعة سلّماً للمستعمرين حقق لهم فرصتهم الذهبية لفرض حكمهم المباشر على المجزءات العربية، فحكموها وأمعنوا في تجزئتها متابعة منهم للخط القومي الضيق، الذي يفصل هذه الأمة عن وطنها الأم الكبير، ألا وهو الوطن الإسلامي الواحد في مبادئه وعقائده وشرائعه وعاداته وتاريخه الطويل المجيد، وأسرع أعداء الإسلام يتناهبون التركة التي خلّفتها الخلافة الإسلامية بعد قتلها.

ووقعت المصيبة التي دبرها للمسلمين أعداؤهم، وتحققت النتيجة التي كان قد ذكرها من قبل الكولونيل (لورانس) في عام ١٩١٦م إذ قال في تقريره للمخابرات البريطانية: "إن أهدافنا الرئيسة تفتيت الوحدة الإسلامية بدحر الامبراطورية العثمانية وتدميرها، وإذا عرفنا كيف نعامل العرب فيسبقون في دوامة الفوضى السياسية داخل دويلات صغيرة حاقدة متنافرة غير قابلة للتماسك".

٢- وكان من هذه الوسائل أيضاً العمل على تأسيس الأحزاب القومية الضيقة

<<  <   >  >>