تكييف الصوت بهذه المقاطع في الكلام المنطوق، أما في الكلام المكتوب فيمكن فهمه من مكان الكلمة في الجملة، ومن أمثلة هذا القسم اللغة الصينية، وعدد كلماتها قليل جداً، إلا أن هذه الكلمات تنطق على وجوه صوتية مختلفة للدلالة على المراد، ويتطلب التمييز بينها مهارة خاصة في السمع، وقد يعبَّر في هذا القسم من اللغات عن المعنى الواحد بعدد من الكلمات، كأن يعبَّر عن معنى الأسرة مثلاً بما يلي:(زوج - زوجة - أولاد) .
القسم الثاني: لغات مزجية، وهي لغات تعتمد على ضمِّ الكلمات بعضها إلى بعض للدلالة فيها على النسب الزمانية والمكانية وغيرها، مع محافظة كل كلمة منها على صيغتها وشكلها ومعناها، فالمعنى الذي يمكن تأديته بكلمة واحدة يحتاج للدلالة عليه في هذا القسم من اللغات إلى سطر طويل، مؤلف من عدة كلمات مرصوصة، ومن أمثلة هذا القسم اللغة اليابانية.
القسم الثالث: لغاتٌ اشتقاقية، وهي لغات تكون الدلالة فيها على مختلف النسب المتعلقة بالزمان أو المكان أو العدد أو الكيفية أو النوع أو غيرها، بتغيير صور كلماتها عن طريق التصريف والاشتقاق، مع المحافظة على المادة الأصلية للكلمة، وللغات هذا القسم حروف معانٍ تربط الألفاظ والتراكيب بعضها ببعض، ومن أمثلة هذا القسم اللغة العربية الفصحى، واللغات الأوربية، ولكن اللغة العربية تحتل المرتبة الأولى بينها، لأنها تمثل حالة راقية من حالات التقدم الحضاري في الميدان اللغوي.
إن القسم الأول من هذه اللغات إنما يمثل طوراً بدائياً من أطوار الحضارة اللغوية، ولا يفي بالتعبير عن كل حاجات الأمم المتقدمة حضارياً، ويتبعه القسم الثاني فيمثل طوراً أرقى نسبياً من الطور الأول، وهو مع ذلك لا يفي كل الوفاء بالتعبير عن كل حاجات الأمم المتقدمة حضارياً، وأما القسم الثالث فهو القسم الذي يمثل أرقى تطورٍ لغوي يفي بالتعبير عن جميع المعاني التي تحتوي عليها الحضارات الراقية.
ثم أجرى مقارنة بين العربية الفصحى وسائر اللغات الاشتقاقية، فأثبت أن العربية امتازات بخصائص تجعلها من أليق اللغات وأكثرها تلبية لحاجات