للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المجتمعات التي انتشر فيها هذا الخلط.

وكان ذلك بفعل دسائس الأعداء الغزاة , وفراخهم وأجرائهم من داخل بلاد المسلمين ومن خارجها.

ورافق هذا الغزو العملي غزو فكري يزين الاختلاط ويحسنه , ويصطنع له المبررات الخادعة , ضمن أطر علم النفس , وعلم الاجتماع , وعلم التربية , والتربية الجنسية , وأكد الميل إليه الدافع الغرزيُّ بين الجنسين , لا سيما في فترة المراهقة التي تتفتح فيها الغريزة الطائشة الرعناء , مع البعد عن دراسة العلوم الإسلامية , وضعف الوازع الديني في القلوب.

ومع اختلاط الجنسين في معاهد العلم فشت مفاسد كثيرة , في الأخلاق والآداب وكثير من أنواع السلوك , وتطلعت الأجيال الحديثة إلى تقليد الحياة الأوربية بمجونها , بعد أن انغمست في حمأة البيئات الجديدة , التي تسهل طريق الرذيلة , وتهون أمر ممارسة اللذة المحرمة , ولا تعتبر العفة من فضائل الأخلاق , كما لا تعتبر صيانة الأسرة القائمة على الطهارة من الأمور ذات القيمة في المجتمعات الإِنسانية.

وانزلق كثير من الشبان والشوابّ يتسكع في دروب المهانة مندفعاً بنوازع الأهواء , ولواهب الغرائز , وتطالبه ظروف اللذة المحرمة بأن يقدم للشره طاقاته الجسدية , ويقدم للأوهام قواه الفكرية , ويقدم للقلق والحيرة والشتات عواطفه وانفعالاته , ثم يضحي في وادي الغريزة البهيمية بعقله الحصيف وبإرادته الإِنسانية الشريفة.

وآخرون من الشبان والشوابّ اصطرعت فيهم عوامل الفضيلة وقواسر الغريزة المشبوبة , في هذه البيئات المختلطة الداعية إلى الخطيئة والفجور , فكانت أفكارهم وقلوبهم ونفوسهم كأنها في ساحة حرب شديدة , يصيبها من دواهي الحرب أكثر مما يصيب المتقاتلين بالأسلحة المادية , وطبيعي أن يَسُرَّ هذا الوضع الأعداء الغزاة , ويثلج صدورهم , وأن يكون ملحوظاً لديهم منذ البداية.

<<  <   >  >>