والتوجيه، والمؤسسات الخاصة والعامة، وهكذا امتدت حركات الغزو الفكري إلى مراكز القوة الفعلية في بلاد المسلمين، بينما عامة المسلمين في غفلة عن ذلك.
وقيادات الدعوة الإسلامية منخدعة بالحشود المسلمة، التي لا تملك شيئاً من القوة الفعلية في البلاد إلا الكثرة العددية فقط، مع ضعف في وسائل المجابهة الجدلية، أمام فئات المثقفين الذين تأثروا بفكرة هذه المذاهب الغازية، وزاد نشاط المتأثرين بالغزاة المنبثين في صفوف المسلمين، واتسعت دوائر أعمالهم، وبدأوا ينشرون هذه المذاهب في صفوف جماهير المسلمين، ويوجهون اهتمامهم البالغ إلى فئات العمال والكادحين، والذين لا تصل إليهم لقمة العيش إلاَّ بعرق غزير، وجهد وفير.
واصطدموا مع هذه الفئات المتمسكة بعقيدتها الراسخة بالإسلام، واستعصى أكثرهم عن أن يتنازلوا عن عقيدتهم من أجل مغريات هذه المذاهب، فابتدعوا لهم فكرة الفصل بين الدين وبين المذاهب الاقتصادية، وزعموا لهم أن هذه المذاهب لا تصطدم مع الدين، فلا تمس جانبه بحال من الأحوال، ولا مانع من أن يكون الإنسان مسلماً أو نصرانياً يؤدي فروضه الدينية كلها، وملتزماً مع ذلك مذهباً اقتصادياً شرقياً أو غربياً، فالدين شيء والسير في ركاب هذه المذاهب شيء آخر.
واستطاعوا بهذه الحيلة أن يسرقوا إلى صفوفهم جماهير من غير المثقفين يدعمونهم في المجالات العامة، وهؤلاء يسيرون في ركابهم منخدعين بما يمنونهم من مستقبل حافل بالرفاهية والمساواة، وقد ساعدهم على جلب هذه الجماهير الكادحة إلى صفوفهم، واقع حال المسلمين المخالف للإسلام في التطبيقات الاقتصادية المنتشرة في البلاد، التي اعتمدت على أسس فوضوية ملفقة غير إسلامية، قد تنتهي بالإثراء غير المشروع، كالإثراء عن طريق الربا، أو الغش، أو الغبن الفاحش، أو الاحتكار، أو استغلال الوظيفة وتسخير قوة السلطان، أو التحايل والسرقة غير المباشرة، وأشباه ذلك مما لا يقره الإسلام بحال من الأحوال.