المستغلين، ويطمس بصائرهم، فلا يخشون عقاب الله، ويسارعون إلى الاحتكار، ليتحكموا بالأسعار، وليجمعوا ثروات كبيرة فاحشة، على حساب ذوي الحاجات الذين ألجأتهم الضرورات إلى دفع الأثمان العالية، لأنهم لا يجدون حاجاتهم إلا عند المحتكرين.
ونرى الغش المحرم في الإسلام وسيلة منتشرة من وسائل هذه الاستغلال، وهو في منطق الحقيقة سرقة مغلفة بغلاف التجارة الحرة، والرسول قال فيه:"من غشّ فليس منا".
ونرى الغبن الفاحش الذي يدفع إليه عامل الشره وحب الإثراء على حساب الآخرين دون بذل جهد مكافئ، وسيلة منتشرة من وسائل هذا الاستغلال، مع أنه غير مشروع في نظام الإسلام.
إن انتشار هذه الأمور وأشباهها مما هو مخالف لنظام الإسلام يهيئ للغزاة بيئة صالحة لنشر مذاهبهم، واجتذاب المظلومين إلى صفوفهم، واستخدامهم مطايا يمتطونها لتحقيق أغراضهم في بلاد المسلمين، وجنوداً متطوعين لهدم حصون أمتهم من داخلها.
وهذا ما مرت بتجربته القاسية بعض البلاد الإسلامية، وقد عرف الغزاة من تجاربهم الطويلة كيف يستفيدون من الأخطاء المنتشرة في الأمة، لإحكام خطتهم وتنفيذها، وقد يعملون في بعض البيئات على توسيع دائرة هذه الأخطاء وتشجيعها بشكل غير مباشر، ليسهل عليهم توجيه الانتقادات الشديدة، وإثارة النقمة في صفوف الجماهير عليها وعلى كل واقعهم، وإقناعهم بضرورة التغيير الجذري لكل الأسس التي عليها الأمة، تخلصاً من هذا الواقع المنحرف، ويوحون لهم بحتمية التحويل الثوري الذي ينسف كل القيم السائدة في المجتمع.
ويأتي دور العمل الإسلامي الواعي، لتدارك وضع المسلمين قبل أن يستفحل الخطر ويتجاوز الحدود، ويغدو من العسيرة إقامة السدود في وجه سيله المدمر.