للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن عجيب التناقضات التي يقع فيها منتقدو العقوبات الإسلامية الرادعة - وهم فريق من علماء القانون، وعلماء النفس، وعلماء الاجتماع - والذين يتأثرون بهم ويستمعون إليهم، أن تثار شفقتهم الإنسانية العارمة على يدٍ واحد أو أيدٍ معدوداتٍ تقطع طوال عام أو أكثر من أصل ملايين الأيدي، بسبب ارتكاب جريمة السرقة التي لا تصاحبها شبهة تدرأ عن مرتكبها الحدّ، دون أن تثار شفقتهم الإنسانية على ألوف الضحايا الأبرياء، الذين يتعرضون لأبشع الجرائم الإنسانية على أيدي مجرمي اللصوصية والسطو على أموال الناس بغير حق. وأ، تثار شفقتهم الإنسانية العارمة على قتيل بالرجم، بسب تحديه بالزنى العلني أمام أربعة شهود وهو محصن (متزوج) ، واستهانته بالآداب العامة والشرائع الربانية، دون أ، تثار شفقتهم الإنسانية على ألوف الضحايا الأبرياء الذين يتعرضون لأبشع الجرائم الإنسانية على أيدي مجرمي الجنس، علماً بأن ثبوت الزنى بأربعة شهود لا يحدث في مجتمع إسلامي إلا نادراً جداً خلال قرون.

ولا يخفى عليهم ما عليه حال كبريات الدول التي تعيش في مباهج مدنية القرن العشرين، وما تعانيه من مشكلات تكاثر الجرائم وتزايد نسبتها حيناً بعد حين، بسبب فقد الحدود الرادعة والعقوبات الزاجرة في قوانينها القضائية.

فأيهما أحفظ لكرامة الإنسان، ولسلامة المجتمع، وأفضل لمنحه نعمة الطمأنينة والأمن، أن يُعاقب عدد محدود من الناس عقوبةً صارمة شديدة، يرتدع بها كل من تحدثه نفسه بالجريمة، أو أن تتعرض أموال وأعراض وأرواح ألوف من الأبرياء من الناس لجرائم المنحرفين والشاذين، الذين يتكاثرون في كل مجتمع تقل فيه روادع العقوبات؟.

يضاف إلى ذلك أن هؤلاء الذين ينتقدون العقوبات الإسلامية الرادعة، التي لا ترتقي نسبتها بحسب طبيعة النظام الإسلامي الكامل إلى جزء من ألف جزء مما يسببه المجرمون الذي يمارسون جرائمهم وهم يستهينون بالنتائج، إذ عرف كثير منهم سبيله إلى السجن، الذي قد يجد فيه بطولة وراحة، ورزقاً وفسقاً، لا يتحرك وجدانهم الإنساني حينما يتعرض مئات الألوف من البشر

<<  <   >  >>