للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن يلتزم هذه التسوية من كل الوجوه طرداً وعكساً، يجب عليه حينما يضع الأنظمة الوضعية، أن يقرر منح الرجل إجازة أبوة كما يقرر منح المرأة إجازة أمومة، وأن يلغي في التعليم مبدأ التخصص بحسب الاستعدادات الفطرية، ويجعل النساء والرجال جميعاً شركاء في الفنون النسوية وفي صناعات الحدادة والنجارة والأعمال الثقيلة الشاقة، وأن يحمل المرأة المسؤولية الكسب والنفقة كما يحمل الرجل، ويحمل الرجل مسؤولية إرضاع الأطفال وتدبير شؤونهم، وأن يهمل القوامة في الأسرة ويجعلها نزاعاً مستمراً بين الرجل والمرأة، أو يجعلها على التناوب اليومي أو الأسبوعي أو الشهري أو نحو ذلك من الأمور التي تضطرب فيها الحياة، ويفسد فيها نظام المجتمع الإنساني وجماله.

إن فكرة التسوية التامة في كل الأمور بين الرجل والمرأة، قد يروج لها مضلل يحاول أن يفسد أوضاعاً اجتماعية سليمة، ولكن لا يطيقها على نفسه أو أمته إنسان عاقل يفهم الخير، ويريده لنفسه ولأمته.

والحكمة الراقية لا بد فيها من ملاحظة بعض الفروض التنظيمية، المناسبة للفروق التكيوينية بين كل من صنفي الرجال والنساء، وهذا ما سلكه الإسلام.

وأخذاً بهذا الأساس السليم، يرى التربويون من الخطأ البالغ إلزام الطالب بنوع من الدراسة، في حين أنه لا تتوافر لديه الأهلية الكافية ليكون بارعاً فيها، بينما لديه استعداد مناسب لدراسة من نوع آخر يمكن أن يكون فيها بارعاً لو حول جهده إليها.

ونظرتهم هذه تستند إلى الحرص على تحقيق الإنتاج الأفضل الذي تستغل فيه الخصائص أحسن استغلال، بالموازنة الدقيقة بين الاستعدادات والأهداف المرجوة، فليس من الحكمة أن يكلف من لديه استعداد عال للحفظيات، أن يكون عالماً بارعاً بالحساب والهندسة والجبر والرياضيات العالية التي ليس لديه ميل إليها، ولا استعداد ليكون بارعاً فيها.

وأخذاً بهذا الأساس أيضاً، اتجه الباحثون الزراعيون إلى دراسة أنواع الأتربة الموزعة في الأرض، وإرشاد المزارعين في كل منها إلى أنواع الزراعات

<<  <   >  >>