للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفهم المراهقون والمراهقات، والفتيان والفتيات الحرِّية على معنى الانفلات الأرعن، والتمرُّد على الرعاة من الأسرة، وعلى المربّين والمعلمين.

وصار كلّ ضابط للسلوك من سلطة مدنيَّةٍ أو عسكرية أو قانونية أو دينيّة أو أسريَّة عدوّاً للحرِّيَّة، في مفهوم حملة شعار الحرِّية الذين أطلقوها من حدودها المقبولة المعقولة، وعمَّموها تعميماً مدمِّراً للإنسانية وكرامتها، ومُخْرِجاً للإنسان عن موقعه الذي وضعه الله فيه موضع الابتلاء الْمُسْتَتْبَع بالحساب والجزاء، وقاذفاً به إلى مستوى الأنعام أو أضلَّ سبيلاً.

هذا هو ما كان المفسدون في الأرض قد أر ادوه وخطَّطوا له، وأطلقوا من أجله شعار الحرِّية، ووسعوا من مساحتها حتى عمَّموها تعميماً فاسداً مفسداً، مصادماً للحقِّ والخير والفضيلة والجمال والكمال.

إنَّ الحرّية مثل النار، لا تستخدم إلاَّ ضمن حدود وضوابط، وبحذر شديد، ومراقبة تامَّة، وإلاّ أكلت الأخضر واليابس، وابتلعت كلَّ شيءٍ أتَتْ عليه.

إنَّ الحرِّية المقبولة المعقولة في واقع الناس ذاتُ مجالٍ محدود، وهذا المجال المحدود لا يجوز تَجَاوُزُهُ ولا تعدِّيه، لا في منطق العقل، ولا في منطق مصلحة الإنسان في ذاته، ولا في منطق مصلحة المجتمع البشري.

فإذا تجاوزت حدودها كانت وحشاً مفترساً، أو ناراً هَوْجاء ثائرة محرقة، أو سيلاً عَرِِماً مدمِّراً، وكانت نذير شؤمٍ وخراب، وفوضى واضطراب، وصراعات بشرية تدمِّر الحضارات، وتمهِّد لأن تحلَّ بهم سنة الله في الذين خَلَوْ مِنْ قبلهم، إهلاكٌ عامٌّ، وعذابٌ أليم.

إنَّ الحرِّية المقبولة المعقولة التي يقرُّها الإسلام تقع ضمن المجالات التاليات، وعلى وفق القيود المبينة فيها:

<<  <   >  >>