للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ترغيب العرب في نصره والإيمان به فإنه تم شرفهم بشرفه وعزتهم بعزته وفخرهم بفخره وهو من عشيرتهم يعرفونه بالصدق والأمانة والصيانة والعفاف وطهارة النسب والأخلاق الحميدة. وقرأ ابن عباس والزهري: من أنفسكم بفتح الفاء. ومعناه: أنه من أشرفكم وأفضلكم (خ) عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «بعثت من خير قرون بني آدم قرنا فقرنا حتى كنت من القرن الذي كنت منه» (م) عن واثلة بن الأسقع قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل واصطفى قريشا من كنانة واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم» عن العباس بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قلت يا رسول الله إن قريشا جلسوا يتذاكرون أحسابهم بينهم فقالوا مثلك كمثل نخلة في كدية من الأرض فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن الله خلق الخلق فجعلني من خير فريقهم وخير الفريقين ثم تخير القبائل فجعلني من خير قبيلة ثم تخير البيوت فجعلني من خير بيوتهم فأنا خيرهم نفسا وخيرهم بيتا» أخرجه الترمذي. وقيل إن قوله سبحانه وتعالى: لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عام فحمله على العموم أولى فيكون المعنى على هذا القول لقد جاءكم أيها الناس رسول من أنفسكم يعني من جنسكم بشر مثلكم إذ لو كان من الملائكة لضعفت قوى البشر عن سماع كلامه والأخذ عنه.

قوله سبحانه وتعالى: عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ أي شديد عليه عنتكم يعني مكروهكم. وقيل: يشق عليه ضلالكم حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ حريص على إيمانكم وإيصال الخير إليكم وقال قتادة: حريص على هدايتكم وأن يهديكم الله بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ يعني أنه صلى الله عليه وسلم رؤوف بالمطيعين رحيم بالمذنبين (ق).

عن جبير بن مطعم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لي خمسة أسماء أنا محمد وأنا أحمد وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي وأنا العاقب والعاقب الذي ليس بعده نبي» وقد سماه الله رؤوفا رحيما. قال الحسن بن الفضل: لم يجمع الله سبحانه وتعالى لأحد من الأنبياء بين اسمين من أسمائه إلا النبي صلى الله عليه وسلم فسماه رؤوفا رحيما قال سبحانه وتعالى: إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ.

[[سورة التوبة (٩): آية ١٢٩]]

فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (١٢٩)

قوله سبحانه وتعالى: فَإِنْ تَوَلَّوْا يعني فإن أعرض هؤلاء الكفار والمنافقون عن الإيمان بالله ورسوله وناصبوك للحرب فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ يعني يكفيني الله وينصرني عليكم لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ يعني لا على غيره وبه وثقت وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ إنما خص سبحانه وتعالى العرش بالذكر لأنه أعظم المخلوقات فيدخل ما دونه في الذكر فيكون المعنى فهو رب العرش العظيم فما دونه أو يكون خصه بالذكر تشريفا له كما يقال بيت الله، وروي عن أبي بن كعب أنه قال: هاتان الآيتان لقد جاءكم رسول من أنفسكم إلى آخر السورة آخر القرآن نزلا وفي رواية عنه أنه قال: أحدث القرآن عهدا بالله هاتان الآيتان لقد جاءكم رسول من أنفسكم إلى آخر الآيتين والله سبحانه وتعالى أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>