مكية وهي تسع آيات وثلاثون كلمة ومائة وثلاثون حرفا بسم الله الرّحمن الرّحيم
[[سورة الهمزة (١٠٤): آية ١]]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (١)
قوله عزّ وجلّ: وَيْلٌ أي قبح، وقيل اسم واد في جهنم لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ قال ابن عباس هم المشاؤون بالنميمة المفرقون بين الأحبة الباغون للبرآء العيب وقيل معناهما واحد وهو العياب المغتاب للناس في بعضهم قال الشاعر:
إذا لقيتك من كره تكاشرني ... وإن تغيبت كنت الهامز اللمزا
وقيل بل يختلف معناهما فقيل الهمزة الذي يعيبك في الغيب، واللّمزة الذي يعيبك في الوجه، وقيل هو على ضده، وقيل الهمزة الذي يهمز الناس بيده ويضربهم، واللّمزة الذي يلمزهم بلسانه ويعيبهم، وقيل هو الذي يهمز بلسانه ويلمز بعينه، وقيل الهمزة الذي يؤذي جليسه بسوء اللفظ، واللمزة الذي يرمق بعينه ويشير برأسه ويرمز بحاجبه، وقيل الهمزة المغتاب للناس واللمزة الطعان في أنسابهم وحاصل هذه الأقاويل يرجع إلى أصل واحد، وهو الطعن وإظهار العيب وأصل الهمز الكسر والقبض على الشيء بالعنف، والمراد منه هنا الكسر من أعراض الناس والغض منهم، والطعن فيهم، ويدخل فيه من يحاكي الناس بأقوالهم، وأفعالهم، وأصواتهم ليضحكوا منه، وهما نعتان للفاعل على نحو سخرة وضحكة للذي يسخر ويضحك من الناس، واختلفوا فيمن نزلت هذه الآية، فقيل نزلت في الأخنس بن شريق بن وهب. كان يقع في الناس ويغتابهم وقال محمد بن إسحاق: ما زلنا نسمع أن سورة الهمزة نزلت في أمية بن خلف الجمحي، وقيل نزلت في الوليد بن المغيرة كان يغتاب النبي صلّى الله عليه وسلّم من ورائه ويطعن عليه في وجهه، وقيل نزلت في العاص بن وائل السّهمي، وقيل هي عامة في كل شخص هذه صفته كائنا من كان، وذلك لأن خصوص السبب لا يقدح في عموم اللفظ والحكم، ومن قال إنها في أناس معينين قال أن يكون اللّفظ عاما لا ينافي أن يكون المراد منه شخصا معينا وهو تخصيص العام بقرينة العرف والأولى أن تحمل على العموم في كل من هذه صفته ثم وصفه فقال تعالى:
الَّذِي جَمَعَ مالًا وإنما وصفه بهذا الوصف لأنه يجري مجرى السبب والعلة في الهمز واللمز يعني وهو بإعجابه بما جمع من المال يستصغر الناس ويسخر منهم، وإنما نكر مالا لأنه بالنسبة إلى مال هو أكثر منه