فوجدوا فيه لوحين من رصاص مكتوبا فيهما مكسلمينا ومخشلمينا وتمليخا ومرطونس وكشطونس وبيرونس وديموس وبطيوس وقالوس والكلب اسمه قطمير. كانوا فتية هربوا من ملكهم دقيانوس مخافة أن يفتنهم عن دينهم فدخلوا هذا الكهف فلما أخبر بمكانهم أمر بالكهف فسد عليهم بالحجارة وإنا كتبنا شأنهم وخبرهم ليعلمه من بعدهم إن عثر بهم فلما قرءوه عجبوا وحمدوا الله سبحانه وتعالى الذي أراهم آية تدلهم على البعث ثم رفعوا أصواتهم بحمد الله وتسبيحه، ثم دخلوا على الفتية الكهف فوجدوهم جلوسا مشرقة وجوههم لم تبل ثيابهم فخر أريوس وأصحابه سجدا لله وحمدوا الله سبحانه وتعالى الذي أراهم آية من آياته ثم كلم بعضهم بعضا وأخبرهم الفتية عن الذي لقوا من ملكهم دقيانوس ثم أريوس وأصحابه بعثوا بريدا إلى ملكهم الصالح بيدروس أن عجل لعلك تنظر إلى آية من آيات الله جعلها الله على ملكك للناس آية لتكون لهم نورا وضياء وتصديقا للبعث، وذلك أن فتية بعثهم الله وقد كان توفاهم منذ ثلاث مائة سنة وأكثر، فلما أتى الملك الخبر رجع عقله إليه وذهب همه وقال: أحمدك اللهم رب السموات والأرض وأعبدك وأسبح لك تطولت علي ورحمتني ولم تطفئ النور الذي جعلته لآبائي وللعبد الصالح بيدروس الملك ثم أخبر بذلك أهل مدينته فركب وركبوا معه حتى أتوا مدينة أفسوس، فتلقاهم أهلها وساروا معه نحو الكهف فلما صعد الجبل ورأى الفتية بيدروس فرح بهم وخر ساجدا على وجهه وقام بيدروس الملك قدامهم ثم اعتنقهم وبكى وهم جلوس بين يديه على الأرض يسبحون الله ويحمدونه. ثم قال الفتية لبيدروس الملك نستودعك الله والسلام عليك ورحمة الله وبركاته حفظك الله وحفظ ملكك ونعيذك بالله من شر الإنس والجن. فبينما الملك قائم إذا هم رجعوا إلى مضاجعهم فناموا وتوفى الله أنفسهم، فقام الملك إليهم وجعل ثيابهم عليهم وأمر أن يجعل كل رجل منهم في تابوت من ذهب فلما أمسى ونام أتوه في منامه فقالوا له إنا لم نخلق من ذهب ولا فضة ولكنا خلقنا من تراب وإلى التراب نصير فاتركنا كما كنا في الكهف على التراب حتى يبعثنا الله تعالى منه، فأمر الملك عند ذلك بتابوت من ساج فجعلوا فيه وحجبهم الله حين خرجوا من عندهم بالرعب، ولم يقدر أحد أن يدخل عليهم وأمر الملك أن يتخذوا على باب الكهف مسجدا يصلى فيه وجعل لهم عيدا عظيما وأمر أن يؤتى كل سنة. وقيل إن تمليخا حمل إلى الملك الصالح فقال له الملك من أنت قال أنا رجل من أهل هذه المدينة، وذكر أنه خرج أمس أو منذ أيام وذكر منزله وأقواما لم يعرفهم أحد وكان الملك قد سمع أن فتية قد فقدوا في الزمان الأول وإن أسماءهم مكتوبة على لوح في خزانته فدعا باللوح ونظر في أسمائهم فإذا اسمه مكتوب وذكر أسماء الآخرين فقال تمليخا: هم أصحابي فلما سمع الملك ركب ومن معه من القوم فلما أتوا باب الكهف قال تمليخا: دعوني حتى أدخل على أصحابي فأبشرهم فإنهم إن رأوكم معي أرعبتموهم فدخل تمليخا فبشرهم فقبض الله روحه وأرواحهم وأعمى على الملك وأصحابه أثرهم فلم يهتدوا إليهم فذلك قوله عز وجل إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ أي صاروا إلى الكهف واسمه خيرم فَقالُوا رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً أي هداية في الدين وَهَيِّئْ لَنا أي يسر لنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً أي ما نلتمس منه رضاك وما فيه رشدنا، وقال ابن عباس: أي مخرجا من الغار في سلامة. قوله سبحانه وتعالى: