والعجز. العجز: عدم القدرة. وقيل: هو ترك ما يجب فعله بالتسويف به وتأخيره عن وقته. وقيل: يحتمل العجز عن الطاعات ويحتمل العموم في أمور الدنيا والآخرة والكيس ضد العجز وهو النشاط والحذق بالأمور.
ومعنى الحديث: أن العاجز قدر عجزه والكيس قدر كيسه.
قوله تعالى: وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ أي وما أمرنا إلا مرة واحدة وقيل معناه وأما أمرنا للشيء إذا أردنا تكوينه إلا كلمة واحدة كُنْ فَيَكُونُ لا مراجعة فيه فعلى هذا إذا أراد الله سبحانه وتعالى شيئا قال له كن فيكون فهنا بان فرق بين الإرادة والقول فالإرادة قدر والقول قضاء وقوله واحدة فيه بيان أنه لا حاجة إلى تكرير القول بل هو إشارة إلى نفاذ الأمر كَلَمْحِ الْبَصَرِ قال ابن عباس: يريد أن قضائي في خلقي أسرع من لمح البصر. وعن ابن عباس أيضا: معناه وما أمرنا بمجيء الساعة في السرعة إلا كطرف البصر وَلَقَدْ أَهْلَكْنا أَشْياعَكُمْ أي أشباهكم ونظراءكم في الكفر من الأمم السالفة فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ أي متعظ بأن ذلك حق فيخاف ويعتبر.
وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ يعني الأشياع من خير وشر فِي الزُّبُرِ أي في كتب الحفظة وقيل في اللوح المحفوظ وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ أي من الخلق وأعمالهم وآجالهم مُسْتَطَرٌ أي مكتوب.
قوله عز وجل: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ أي بساتين وَنَهَرٍ أي أنهار وإنما وحّده لموافقة رؤوس الآي وأراد أنها الجنة من الماء والخمر واللبن والعسل.
وقيل: معناه في ضياء وسعة ومنه النهار والمعنى لا ليل عندهم فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ أي في مجلس حق لا لغو فيه ولا تأثيم وقيل في مجلس حسن وقيل في مقعد لا كذب فيه لأن الله صادق فمن وصل إليه امتنع عليه الكذب فهو في مقعد صدق عِنْدَ مَلِيكٍ قيل معناه قرب المنزلة والتشريف لا معنى المكان مُقْتَدِرٍ أي قادر لا يعجزه شيء وقيل مقربين عند مليك أمره في الملك والاقتدار أعظم شيء، فلا شيء إلا وهو تحت ملكه وقدرته فأي منزلة أكرم من تلك المنزلة وأجمع للغبطة كلها والسعادة بأسرها. قال جعفر الصادق: وصف الله تعالى المكان بالصدق، فلا يقعد فيه إلا أهل الصدق، والله أعلم بمراده وأسرار كتابه.
تم الجزء السادس من تفسير الخازن ويليه الجزء السابع وأوله سورة الرّحمن