للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل إليه أرجع في معادي روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا ذكر شعيبا قال ذلك خطيب الأنبياء» لحسن مراجعته قومه.

وقوله تعالى: وَيا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي أي لا يحملنكم خلافي وعداوتي أَنْ يُصِيبَكُمْ يعني عذاب العاجلة على كفركم وأفعالكم الخبيثة مِثْلُ ما أَصابَ قَوْمَ نُوحٍ يعني الغرق أَوْ قَوْمَ هُودٍ يعني الريح التي أهلكتهم أَوْ قَوْمَ صالِحٍ يعني ما أصابهم من الصيحة حتى هلكوا جميعا وَما قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ وذلك أنهم كانوا حديثي عهد بهلاكهم وقيل معناه وما ديار قوم لوط منكم ببعيد وذلك أنهم كانوا جيران قوم لوط وبلادهم قريبة من بلادهم.

[سورة هود (١١): الآيات ٩٠ الى ٩٣]

وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ (٩٠) قالُوا يا شُعَيْبُ ما نَفْقَهُ كَثِيراً مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً وَلَوْلا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ وَما أَنْتَ عَلَيْنا بِعَزِيزٍ (٩١) قالَ يا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا إِنَّ رَبِّي بِما تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (٩٢) وَيا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ (٩٣)

وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ يعني من عبادة الأصنام ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يعني من البخس والنقصان في الكيل والوزن إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ يعني بعباده إذا تابوا واستغفروا وَدُودٌ قال ابن عباس: الودود المحبّ لعباده المؤمنين فهو من قولهم وددت الرجل أوده إذا أحببته، وقيل: يحتمل أن يكون ودود فعول بمعنى مفعول ومعناه أن عباده الصالحين يودونه ويحبونه لكثرة إفضاله وإحسانه إليهم. وقال الحليمي: هو الوادّ لأهل طاعته أي الراضي عنهم بأعمالهم والمحسن إليهم لأجلها والمادح لهم بها، وقال أبو سليمان الخطابي: وقد يكون معناه من تودد إلى خلقه قالُوا يا شُعَيْبُ ما نَفْقَهُ كَثِيراً مِمَّا تَقُولُ يعني ما نفهم ما تدعونا إليه وذلك أن الله سبحانه وتعالى ختم على قلوبهم فصارت لا تعي ولا تفهم ما ينفعها وإن كانوا في الظاهر يسمعون ويفهمون وَإِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً قال ابن عباس وقتادة: كان أعمى، قال الزجاج: ويقال إن حمير كانوا يسمون المكفوف ضعيفا وقال الحسن وأبو روق ومقاتل: يعني ذليلا، قال أبو روق: إن الله سبحانه وتعالى لم يبعث نبيا أعمى ولا نبيا به زمانة، وقيل: كان ضعيف البصر وقيل المراد بالضعف العجز عن الكسب والتصرف وقيل هو الذي يتعذر عليه المنع عن نفسه ويدل على صحة هذا القول ما بعده وهو قوله وَلَوْلا رَهْطُكَ يعني جماعتك وعشيرتك قيل الرهط ما بين الثلاثة إلى العشرة، وقيل: إلى السبعة لَرَجَمْناكَ يعني لقتلناك بالحجارة والرجم بالحجارة أسوأ القتلات وشرها، وقيل:

معناه لشتمناك وأغلظنا لك القول وَما أَنْتَ عَلَيْنا بِعَزِيزٍ يعني بكريم وقيل بممتنع منا والمقصود من هذا الكلام وحاصله أنهم بينوا لشعيب عليه السلام أنه لا حرمة له عندهم ولا في صدورهم وأنهم إنما لم يقتلوه ولم يسمعوه الكلام الغليظ الفاحش لأجل احترامهم رهطه وعشيرته وذلك لأنهم كانوا على دينهم وملتهم ولما قالوا لشعيب عليه السلام هذه المقالة أجابهم بقوله قالَ يا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ يعني أهيب عندكم من الله وأمنع حتى تركتم قتلي لمكان رهطي عندكم فالأولى أن تحفظوني في الله ولأجل الله لا لرهطي لأن الله أعز وأعظم وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا يعني ونبذتم أمر الله وراء ظهوركم وتركتموه كالشيء الملقى الذي لا يلتفت إليه إِنَّ رَبِّي بِما تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ يعني أنه سبحانه وتعالى عالم بأحوالكم جميعا لا يخفى عليه منها شيء فيجازيكم بها يوم القيامة وَيا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ يعني على تؤدتكم وتمكنكم من أعمالكم وقيل المكانة الحالة والمعنى اعملوا حال كونكم موصوفين بعناية المكنة والقدرة من الشر إِنِّي عامِلٌ يعني ما أقدر عليه من الطاعة

<<  <  ج: ص:  >  >>