للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناس إليه. وقال السدي وابن جريج وجماعة من المفسرين: إن بني إسرائيل لما قتلوا أنبياءهم وكفروا وكانوا اثني عشر سبطا تبرأ سبط منهم مما صنعوا واعتذروا وسألوا الله أن يفرق بينهم وأن يبعدهم عنم ففتح الله لهم نفقا في الأرض فساروا فيه حتى خرجوا من وراء الصين فهم هناك حنفاء مسلمون يستقبلون قبلتنا. قال ابن جريج قال ابن عباس: ساروا في السرب سنة ونصفا رواه الطبري. وحكى البغوي عن الكلبي والضحاك والربيع قالوا: هم قوم خلف الصين بأقصى الشرق على نهر يسمى نهر الأردن ليس لأحد منهم مال دون صاحبه يمطرون بالليل ويصحون بالنهار ويزرعون ولا يصل إليهم أحد منا وهم على الحق.

وذكر لنا أن جبريل ذهب بالنبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء به فكلمهم فقال لهم جبريل: هل تعرفون من تكلمون؟

قالوا: لا، قالوا هذا محمد النبي الأمي فآمنوا به وقالوا يا رسول الله إن موسى أوصانا أن من أدرك منكم أحمد فليقرأ مني عليه السلام فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم على قوم موسى وأقرأهم عشر سور من القرآن نزلت عليه بمكة وأمرهم بالصلاة والزكاة وأمرهم أن يقيموا مكانهم وكانوا يسبتون فأمرهم أن يجمعوا ويتركوا السبت وهذه الحكاية ضعيفة من وجوه:

الأول: قولهم إن أحدا منا لا يصل إليهم وإذا كان كذلك فمن ذا الذي أوصل خبرهم إلينا.

الوجه الثاني: قولهم إن جبريل ذهب بالنبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء به وهذا لم يرد به نقل صحيح ولا رواه أحد من أئمة الحديث ولا يلتفت إلى قول الأخباريين والقصاص في ذلك.

الوجه الثالث: قولهم إنهم بلغوا النبي صلى الله عليه وسلم موسى وقد صح في حديث المعراج أنه سلم عليه في السماء السادسة وأيضا قولهم وأقرأهم عشر سور وقد نزل عليه بمكة أكثر من ذلك وكان فرض الزكاة بالمدينة فكيف يأمرهم بها قبل فرضيتها فإذا ثبت بما ذكرناه بطلان هذه الرواية فالمختار في تفسير هذه الآية أنها إما أن تكون نزلت في قوم كانوا متمسكين بدين موسى قبل التبديل والتغيير ثم ماتوا وهم على ذلك وإما أن تكون قد نزلت فيمن أسلم من اليهود على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كعبد الله بن سلام وأصحابه والله أعلم بمراده.

[سورة الأعراف (٧): الآيات ١٦٠ الى ١٦٢]

وَقَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى إِذِ اسْتَسْقاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنا عَلَيْهِمُ الْغَمامَ وَأَنْزَلْنا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (١٦٠) وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (١٦١) فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَظْلِمُونَ (١٦٢)

قوله تعالى: وَقَطَّعْناهُمُ يعني وفرقنا بني إسرائيل اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً يعني من أولاد يعقوب لأن يعقوب هو إسرائيل وأولاده الأسباط وكانوا اثني عشر ولدا أُمَماً يعني جماعات وقبائل وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى إِذِ اسْتَسْقاهُ قَوْمُهُ يعني في التيه أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ يعني: فانفجرت. وقيل: عرقت وهو الانبجاس مِنْهُ أي من الحجر اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً يعني: لكل سبط عين قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ يعني لا يدخل سبط على سبط في مشربهم وَظَلَّلْنا عَلَيْهِمُ الْغَمامَ يعني في التيه يقيهم حر الشمس وَأَنْزَلْنا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ هو الترنجبين وَالسَّلْوى جنس من الطير جعل الله ذلك طعاما لهم في التيه كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما

<<  <  ج: ص:  >  >>