الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ قيل هذا تفسير للمسرف المرتاب يعني الذين يجادلون في إبطال آيات الله بالتكذيب بِغَيْرِ سُلْطانٍ أي بغير حجة وبرهان أَتاهُمْ من الله كَبُرَ أي ذلك الجدال مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ قوله عز وجل: وَقالَ فِرْعَوْنُ يعني لوزيره يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً يعني بناء ظاهرا لا يخفى على الناظرين وإن بعد وقد تقدم ذكره في سورة القصص لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ أَسْبابَ السَّماواتِ يعني طرقها وأبوابها من سماء إلى سماء فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ يعني موسى كاذِباً أي فيما يدعي ويقول إن له ربا غيري وَكَذلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ قال ابن عباس رضي الله عنهما صده الله تعالى عن سبيل الهدى وقرئ وصد بالفتح أي وصد فرعون الناس عن السبيل وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبابٍ أي وما كيده في إبطال آيات موسى إلا في خسار وهلاك.
قوله تعالى: وَقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشادِ أي طريق الهدى يا قَوْمِ إِنَّما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ أي متعة ينتفعون بها مدة ثم تنقطع وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دارُ الْقَرارِ يعني التي لا تزول والمعنى أن الدنيا فانية منقرضة لا منفعة فيها وأن الآخرة باقية دائمة والباقي خير من الفاني، قال بعض العارفين: لو كانت الدنيا ذهبا فانيا والآخرة خزفا باقيا لكانت الآخرة خيرا من الدنيا فكيف والدنيا خزف فان والآخرة ذهب باق مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها قيل معناه من عمل الشرك فجزاؤه جهنم خالدا فيها ومن عمل بالمعاصي فجزاؤه العقوبة بقدرها وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ يعني لا تبعة عليهم فيما يعطون في الجنة من الخير وقيل يصب عليهم الرزق صبا بغير تقتير.
وَيا قَوْمِ ما لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ معناه أنا أدعوكم إلى الإيمان الذي يوجب النجاة من النار وأنتم تدعونني إلى الشرك الذي يوجب النار ثم فسر ذلك فقال تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ أي لا أعلم أن الذي تدعونني إليه إله وما ليس بإله كيف يعقل جعله شريكا للإله الحق ولما بين أنهم يدعونه إلى الكفر والشرك بين أنه يدعوهم إلى الإيمان بقوله وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ أي في انتقامه ممن كفر الْغَفَّارِ أي لذنوب أهل التوحيد لا جَرَمَ يعني حقا أَنَّما تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ يعني الصنم لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيا وَلا فِي الْآخِرَةِ يعني ليست له استجابة دعوة لأحد في الدنيا ولا في الآخرة وقيل ليست له دعوة إلى عبادته في الدنيا ولا في الآخرة لأن الأصنام لا تدعي الربوبية ولا تدعو إلى عبادتها وفي الآخرة تتبرأ من عابديها وَأَنَّ مَرَدَّنا إِلَى اللَّهِ يعني مرجعنا إلى الله فيجازي كلّا بما يستحقه وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ يعني المشركين