عباس: هو المسيح. وقيل: هو المصلي حَفِيظٍ قال ابن عباس الحافظ لأمر الله وعنه هو الذي يحفظ ذنوبه حتى يرجع عنها ويستغفر منها وقيل: حفيظ لما استودعه الله من حقه. وقيل: هو المحافظ على نفسه المتعهد لها المراقب لها. وقيل: هو المحافظ على الطاعات والأوامر مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ أي خاف الرّحمن فأطاعه وإن لم يره وقيل: خافه في الخلوة بحيث لا يراه أحد إذا ألقى الستر أغلق الباب وَجاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ أي مخلص مقبل على طاعة الله ادْخُلُوها أي يقال لأهل هذه الصفة: ادخلوا الجنة بِسَلامٍ أي بسلامة من العذاب والهموم. وقيل: بسلام من الله وملائكته عليهم وقيل: بسلامة من زوال النعم ذلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ أي في الجنة لأنه لا موت فيها.
لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها وذلك أنهم يسألون الله حتى تنتهي مسألتهم فيعطون ما سألوا ثم يزيد الله عبيده ما لم يسألوا مما لم يخطر بقلب بشر وهو قوله تعالى: وَلَدَيْنا مَزِيدٌ وقيل: المزيد، هو النظر إلى وجهه الكريم قيل: يتجلى لهم الرب تبارك وتعالى في كل جمعة في دار كرامته فلهذا هو المزيد.
قوله تعالى: وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ أي قبل كفار مكة مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشاً يعني سطوة والبطش الأخذ بصولة وعنف فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ أي ساروا وتقلبوا في البلاد وسلكوا كل طريق هَلْ مِنْ مَحِيصٍ أي فلم يجدوا لهم محيصا أي مهربا من أمر الله وقيل: لا يجدون لهم مفرا من الموت بل يموتون فيصيرون إلى عذاب الله وفيه تخويف لأهل مكة لأنهم على مثل سبيلهم إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى أي إن فيما ذكر من إهلاك القرى تذكرة وموعظة لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ. قال ابن عباس: أي عقل. وقيل: له قلب حاضر مع الله واع عن الله أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ أي استمع القرآن واستمع ما يقال له لا يحدث نفسه بغيره وَهُوَ شَهِيدٌ أي حاضر القلب ليس بغافل ولا ساه.
قوله تعالى: وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ أي إعياء وتعب قال المفسرون نزلت في اليهود حيث قالوا: خلق الله السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام أولها الأحد وآخرها الجمعة ثم استراح يوم السبت واستلقى على العرش فلذلك تركوا العمل فيه فأنزل الله تعالى هذه الآية ردا عليهم وتكذيبا لهم في قولهم استراح يوم السبت بقوله تعالى: وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ.
قال الإمام فخر الدين الرازي في تفسيره: والظاهر أن المراد الرد على المشركين والاستدلال بخلق السموات والأرض وما بينهما فقوله وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ أي ما تعبنا بالخلق الأول حتى لا نقدر على الإعادة ثانيا كما قال الله تعالى: أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ الآية وأما ما قاله اليهود ونقلوه من التوراة فهو إما تحريف منهم أو لم يعلموا تأويله وذلك أن الأحد والاثنين أزمنة مستمرة بعضها بعد بعض فلو كان خلق السموات والأرض ابتدئ يوم الأحد لكان الزمان قبل الأجساد والزمان لا ينفك عن الأجساد فيكون قبل خلق الأجسام أجسام لأن اليوم عبارة عن زمان سير الشمس من الطلوع إلى الغروب وقبل السموات والأرض لم يكن شمس ولا قمر لكن اليوم قد يطلق ويراد به الوقت والحين وقد يعبر به عن مدة الزمان أي مدة كانت قوله عز وجل: فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ الخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم أي: اصبر يا محمد على ما يقولون أي من كذبهم فإن الله لهم بالمرصاد وهذا قبل