يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ زاد البخاري فاستوعى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حينئذ للزبير حقه وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قبل ذلك قد أشار على الزبير رأيا أي أراد سعة له وللأنصاري فلما أحفظ الأنصاري رسول الله صلّى الله عليه وسلّم استوعى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم للزبير حقه في صريح الحكم قال الزبير والله ما أحسب هذه الآية نزلت إلا في ذلك. قوله في شراج الحرة الشراج مسايل الماء التي تكون من الجبل وتنزل إلى السهل الواحدة شرجة بسكون الراء والحرة الأرض الحمراء المتلبسة بالحجارة السود وقوله فتلون وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يعني تغير وقوله فلما أحفظ أي أغضب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقوله حتى يرجع إلى الجدر هو بفتح الجيم يعني أصل الجدار وقوله فاستدعى له أي استوفى له حقه في صريح الحكم. وهو أن من كان أرضه أقرب إلى فم الوادي فهو أولى بأول الوادي وحقه تمام السقي فرسول الله صلّى الله عليه وسلّم أذن للزبير في السقي على وجه المسامحة فلما أبى خصمه ذلك ولم يعترف بما أشار به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من المسامحة لأجله أمر الزبير باستيفاء حقه على التمام وحمل خصمه على مر الحق. فعلى هذا القول تكون الآية مستأنفة لا تعلق لها بما قبلها قال البغوي: وروي أنهما لما خرجا مرا على المقداد فقال لمن كان القضاء قال الأنصاري لابن عمته ولوى شدقه ففطن له يهودي كان مع المقداد فقال قاتل الله هؤلاء يشهدون أنه رسول الله ثم يتهمونه في قضاء يقضي بينهم وايم الله لقد أذنبنا ذنبا مرة في حياة موسى فدعا موسى إلى التوبة منه فقال فاقتلوا أنفسكم ففعلنا فبلغ قتلانا سبعين ألفا في طاعة ربنا حتى رضي عنا. فقال ثابت بن قيس بن شماس: أما والله إن الله ليعلم مني الصدق
ولو أمرني محمد أن أقتل نفسي لفعلت. وقال مجاهد والشعبي نزلت هذه الآية في بشر المنافق واليهودي اللذين اختصما إلى الطاغوت. وعلى هذا القول تكون الآية متصلة بما قبلها فلا وربك معناه فوربك فعلى هذا تكون لا مزيدة لتأكيد معنى القسم. وقيل إن لا رد لكلام سبق كأنه قال ليس الأمر كما يزعمون أنهم آمنوا وهم يخالفون حكمك ثم استأنف القسم فقال تعالى فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم يعني فيما اختلفوا فيه من الأمور وأشكل عليهم حكمه وقيل فيما التبس عليهم يقال شاجره في الأمر إذا نازعه فيه وأصله التداخل والاختلاط وشجر الكلام إذا خل بعضه في بعض واختلط ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ يعني ضيقا مما قضيت وقيل شكا فيما قضيت بل يرضوا بقضائك وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً يعني وينقادوا لأمرك انقيادا أو لا يعارضونك في شيء من أمرك وقيل معناه يسلموا ما تنازعوا فيه لحكمك قوله عز وجل:
وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أي فرضنا وأوجبنا عليهم الضمير في عليهم يعود على المنافقين وقيل يعود الضمير على الكافة فيدخل فيه المنافق وغيره أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ يعني كما كتبنا على بني إسرائيل القتل والخروج من مصر ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ معناه لم يفعله إلا القليل منهم نزلت في ثابت بن قيس بن شماس وذلك أن رجلا من اليهود قال: والله لقد كتب الله علينا القتل والخروج ففعلنا فقال ثابت: والله لو كتب الله علينا ذلك لفعلنا وهو من القليل الذي استثنى الله وقيل لما نزلت هذه الآية قال عمر وعمار بن ياسر وابن مسعود وناس من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهم القليل الذين ذكرهم الله والله لو أمرنا لفعلنا والحمد لله الذي عافانا فبلغ ذلك النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: «إن من أمتي لرجالا الإيمان في قلوبهم أثبت من الجبال الرواسي» ومن قال إن الضمير في عليهم يعود إلى المنافقين قال معنى ما فعلوه إلا قليل منهم يعني رياء وسمعة والمعنى إن ما كتبنا عليهم إلا طاعة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والرضا بحكمه ولو أنا كتبنا عليهم القتل والخروج من الدور والوطن ما كان فعله إلا نفر يسير منهم وقرئ «إلا قليلا منهم» بالنصب وتقديره إلا أن يكون قليلا منهم وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ يعني