قوله عز وجل: إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ يعني عبد الله بن أبي ابن سلول وأصحابه قالوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وتم الخبر عنهم ثم ابتدأ فقال تعالى: وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ أي هو الذي أرسلك فهو عالم بك وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ يعني في قولهم نشهد إنك لرسول الله لأنهم أضمروا خلاف ما أظهروا وذلك لأن حقيقة الإيمان أن يواطئ اللسان القلب وكذلك الكلام فمن أخبر عن شيء واعتقد خلافه أو أضمر خلاف ما أظهر فهو كاذب ألا ترى أنهم كانوا يقولون بألسنتهم نشهد إنك لرسول الله وسماه كذبا لأن قولهم خالف اعتقادهم اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً أي سترة يسترون بها من القتل ومعنى أيمانهم ما أخبر الله عنهم من حلفهم إنهم لمنكم وقولهم نشهد إنك لرسول الله فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أي أعرضوا بأنفسهم عن طاعة الله وطاعة رسوله وقيل منعوا الناس عن الجهاد وعن الإيمان بمحمد صلّى الله عليه وسلّم إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ يعني حيث آثروا الكفر على الإيمان ذلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا أي في الظاهر وذلك إذا رأوا المؤمنين أقروا بالإيمان ثُمَّ كَفَرُوا أي في السر وذلك إذا خلوا مع المشركين وفيه تأكيد لقوله والله يشهد إنهم لكاذبون فَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ أي بالكفر فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ أي الإيمان وقيل لا يتدبرون القرآن.
وَإِذا رَأَيْتَهُمْ يعني المنافقين مثل عبد الله بن أبي ابن سلول تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ يعني أن لهم أجساما ومناظر حسنة وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ أي فتحسب أنه صدق قال ابن عباس كان عبد الله بن أبي ابن سلول جسيما فصيحا ذلق اللسان فإذا قال سمع النبي صلّى الله عليه وسلّم قوله كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ أي أشباح بلا أرواح وأجسام بلا