وكبّرنا جميعا ثم ركع وركعنا جميعا ثم رفع رأسه من الركوع ورفعنا جميعا ثم انحدر بالسجود والصف الذي يليه وقام الصف المؤخر في نحو العدو فلما قضى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم السجود وقام الصف الذي يليه انحدر الصف المؤخر بالسجود وقاموا ثم تقدم الصف المؤخر وتأخر الصف المقدم ثم ركع النبي صلّى الله عليه وسلّم وركعنا جميعا ثم رفع رأسه من الركوع ورفعنا جميعا ثم انحدر بالسجود والصف الذي يليه الذي كان مؤخرا في الركعة الأولى فقام الصف المؤخر في نحر العدو فلما قضى النبي صلّى الله عليه وسلّم السجود والصف الذي يليه انحدر الصف المؤخر بالسجود فسجدوا ثم سلم النبي صلّى الله عليه وسلّم وسلّمنا جميعا قال جابر كما يصنع حرسكم هؤلاء بأمرائهم أخرجه مسلم بتمامه وأخرجه البخاري طرفا منه أنه صلّى صلاة الخوف مع النبي صلّى الله عليه وسلّم في الغزوة السابقة غزوة ذات الرقاع. وبهذا الحديث أخذ الشافعي ومن وافقه فيما إذا كان العدو في جهة القبلة.
المسألة الرابعة: إذا اشتد الحرب والتحم القتال صلّوا رجالا وركبانا يؤمنون بالركوع والسجود إلى أي جهة كانت هذا مذهب الشافعي ومذهب أبي حنيفة أنهم لا يصلّون في هذه الحالة فإذا أمنوا قضوا ما فاتهم من الصلاة ولصلاة الخوف صور أخر مذكورة في كتب الفقه وليس هذا موضعها والله أعلم.
وقوله تعالى: وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ أي ولا إثم ولا حرج عليكم إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ قال ابن عباس: رخص الله لهم في وضع السلاح في حال المطر وحال المرض لأن السلاح يثقل حمله في هاتين الحالتين وَخُذُوا حِذْرَكُمْ يعني راقبوا عدوكم ولا تغفلوا عنه أمرهم الله بالتحفظ والتحرز والاحتياط لئلا يتجرأ العدو عليهم قال ابن عباس: نزلت في النبي صلّى الله عليه وسلّم وذلك أنه غزا بني محارب وبني أنمار فنزلوا ولا يرون من العدو أحدا فوضع الناس السلاح فخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لحاجة حتى قطع الوادي والسماء ترش بالمطر فسال الوادي فحال السيل بين رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وبين أصحابه فجلس تحت شجرة فبصر به غورث بن الحارث المحابي فقال: قتلني الله إن لم أقتله ثم انحدر من الجبل ومعه السيف ولم يشعر به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلا وهو قائم على رأسه وقد سل السيف من غمده وقال يا محمد من يمنعك مني الآن؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«الله عز وجل» ثم قال اللهم اكفني غورث بن الحارث بما شئت فأهوى غورث بالسيف ليضرب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم به فأكب لوجهه من زلخة زلخها فندر السيف من يده فقام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأخذ السيف ثم قال يا غورث من يمنعك مني الآن؟ فقال لا أحد فقال أتشهد أن لا إله إلّا الله وأن محمدا عبده ورسوله وأعطيك سيفك فقال: لا ولكن أشهد أن لا أقاتلك أبدا ولا أعين عليك عدوا فأعطاه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سيفه فقال غورث لأنت خير مني فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم أجل أنا أحق بذلك منك فرجع غورث إلى أصحابه فقالوا له: ويلك يا غورث ما منعك منه فقال والله لقد أهويت إليه بالسيف لأضربه به فو الله ما أدري من زلخني بين كتفي فخررت لوجهي وذكر حاله لهم مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: وسكن الوادي فقطع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الوادي إلى أصحابه وأخبرهم الخبر وقرأ هذه الآية: وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى قال ابن عباس: كان عبد الرحمن بن عوف جريحا فنزلت فيه أن تضعوا أسلحتكم وخذوا حذركم يعني من عدوكم إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً يعني يهانون به. قوله عز وجل:
فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ يعني فإذا فرغتم من صلاة الخوف فَاذْكُرُوا اللَّهَ يعني بالتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير وأثنوا على الله في جميع أحوالكم قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِكُمْ فإن ما أنتم عليه من الخوف جدير بالمواظبة على ذكر الله عز وجل والتضرع إليه (ق) عن عائشة قالت كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يذكر الله في كل أحيانه