يده خاتم حديد فيه مكتوب ربي الله فبلغ ذلك عمر، فكتب أن أعيدوا عليه الذي وجدتم عليه.
وقال: سعيد بن جبير وابن أبزى لما انهزم أهل اسفندهار، قال: عمر بن الخطاب أيّ شيء يجري على المجوس من الأحكام، فإنهم ليسوا بأهل كتاب، فقال علي بن أبي طالب بلى قد كان لهم كتاب، وكانت الخمر قد أحلّت لهم فتناولها ملك من ملوكهم، فغلبت على عقله فوقع على أخته فلما ذهب عنه السكر ندم، وقال لها ويحك ما هذا الذي أتيت وما المخرج منه قالت: المخرج منه أنّك تخطب الناس وتقول إنّ الله قد أحل نكاح الأخوات فإذا ذهب في الناس وتناسوه خطبتهم فحرمته. فقام خطيبا بذلك فقال إن الله قد أحل لكم نكاح الأخوات فقال الناس بأجمعهم معاذ الله أن نؤمن بهذا أو نقر به، ما جاءنا به من نبي، ولا أنزل علينا في كتاب، فبسط فيهم السوط فأبوا أن يقروا، فجرد فيهم السيف فأبوا أن يقروا به فجرد لهم الأخدود، وأوقدوا فيها النيران وعرضهم عليها فمن أبى قذفه في النار ومن أجاب أطلقه. وروي عن علي قال كان أصحاب الأخدود نبيهم حبشي بعث من الحبشة إلى قومه ثم قرأ عليّ وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ الآية، فدعاهم فتابعه أناس فقاتلهم الكفار، فقتل أصحابه وأخذ من انفلت منهم فأوثقوه ثم خدوا له أخدودا فملؤوها نارا، فمن تبع ذلك النبي رمي به في النار ومن تابعهم تركوه فجاؤوا بامرأة معها صبي رضيع فجزعت، فقال الصبي يا أماه قعي ولا تقاعسي وقيل كانت الأخدود ثلاثة واحدة بنجران باليمن، والأخرى بالشام، والأخرى بفارس حرقوا بالنار فأما التي بالشام فهو أبطاموس الرومي وأما التي بفارس فبختنصر ويزعمون أنهم أصحاب دانيال وأما التي باليمن فذو نواس يوسف فأما التي بالشام وفارس فلم ينزل الله فيهم قرآنا وأنزل في التي بنجران اليمن وذلك أن هذه القصة كانت مشهورة عند أهل مكة، فذكر الله تعالى ذلك لأصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يحملهم بذلك على الصبر، وتحمل المكاره في الدين.
وقوله تعالى: النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ، هو تعظيم لأمر تلك النار قال الربيع بن أنس نجى الله المؤمنين الذين ألقوا في النار بقبض أرواحهم، قبل أن تمسهم النار وخرجت النار إلى من على شفير الأخدود من الكفار فأحرقتهم إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ، أي جلوس عند الأخدود وَهُمْ يعني الملك الذي خد الأخدود وأصحابه عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ أي من عرضهم على النار وإرادتهم أن يرجعوا إلى دينهم شُهُودٌ أي حضور وقيل يشهدون أن المؤمنين ضلال حين تركوا عبادة الصنم، وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ قال ابن عباس ما كرهوا منهم إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ، وقيل ما عابوا ولا علموا فيهم عيبا إلا إيمانهم بالله الْعَزِيزِ، يعني إن الذي يستحق العبادة هو الله العزيز الغالب القاهر الذي لا يغالب ولا يدافع، الْحَمِيدِ يعني الذي يستحق أن يحمد ويثنى عليه، وهو أهل لذلك وهو الله جل جلاله، الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أي فهو المستحق للعبادة وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ أي من أفعالهم بالمؤمنين. شَهِيدٌ وفيه وعد عظيم للمؤمنين ووعيد عظيم للكافرين.
قوله عزّ وجلّ: إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا أي عذّبوا وأحرقوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ أي بالنار ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا أي لم يرجعوا عما هم عليه من الكفر وفيه دليل على أنهم إذا تابوا وآمنوا يقبل منهم، ويخرجون من هذا الوعيد، وأن الله تعالى يقبل منهم التوبة، وأن توبة القاتل مقبولة، وأنهم إن لم يتوبوا فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ يعني لهم عذاب جهنم بكفرهم، ولهم عذاب الحريق بما أحرقوا المؤمنين، وقيل لهم عذاب الحريق في