على التابوت لا يحل له أن يرجع وراءه حتى يفتح الله على يديه أو يستشهد فبعثه ففتح له فكتب إلى داود بذلك فكتب إليه أن ابعثه إلى عدو كذا وكذا أشد منه بأسا فبعثه ففتح له فكتب إلى داود بذلك فكتب إليه أن ابعثه إلى عدو كذا وكذا أشد منه بأسا فبعثه فقتل في المرة الثالثة فلما انقضت عدة المرأة تزوجها داود فهي أم سليمان عليه الصلاة والسلام. وقيل إن داود أحب أن يقتل أوريا فيتزوج امرأته فهذا كان ذنبه. وقال ابن مسعود: كان ذنب داود أنه التمس من الرجل أن ينزل له عن امرأته. وقيل كان ذلك مباحا لهم غير أن الله عز وجل لم يرض لداود ذلك لأنه رغبة في الدنيا وازدياد من النساء وقد أغناه الله تعالى عنها بما أعطاه من غيرها. وقيل في سبب امتحان داود أنه كان جزأ الدهر أجزاء يوما لنسائه ويوما للعبادة ويوما للحكم بين بني إسرائيل ويوما يذاكرهم ويذاكرونه ويبكيهم ويبكونه فلما كان يوم بني إسرائيل ذكروا فقالوا هل يأتي على الإنسان يوم لا يصيب فيه ذنبا، فأضمر داود في نفسه أنه سيطيق ذلك وقيل إنهم ذكروا فتنة النساء فأضمر داود في نفسه أنه إن ابتلى اعتصم فلما كان يوم عبادته أغلق عليه الأبواب وأمر أن لا يدخل عليه أحد وأكبّ على قراءة التوراة فبينما هو يقرأ إذ دخلت حمامة وذكر نحو ما تقدم فلما دخل بالمرأة لم يلبث إلا يسيرا حتى بعث الله عز وجلّ الملكين إليه. وقيل إن داود عليه السلام ما زال يجتهد في العبادة حتى برز له حافظاه من الملائكة فكانوا يصلون معه فلما استأنس منهم قال أخبروني بأي شيء أنتم موكلون، قالوا نكتب صالح أعمالك ونوافقك ونصرف عنك السوء فقال في نفسه: ليت شعري كيف أكون لو خلوني ونفسي وتمنى ذلك ليعلم كيف يكون فأوحى الله تعالى إلى الملكين أن يعتزلاه ليعلم أنه لا غنى له عن الله تعالى فلما فقدهم جد واجتهد في العبادة إلى أن ظن أنه قد غلب نفسه فأراد الله تعالى أن يعرفه ضعفه فأرسل طائرا من طيور الجنة وذكر نحو ما تقدم. وقيل إن داود قال لبني إسرائيل لأعدلن بينكم ولم يستثن فابتلى وقيل إنه أعجبه عمله فابتلى فبعث الله إليه ملكين في صورة رجلين وذلك في يوم عبادته فطلبا أن يدخلا عليه فمنعهما الحرس فتسورا عليه المحراب فما شعر إلا وهما بين يديه جالسان وهو يصلي يقال كانا جبريل وميكائيل فذلك قوله عز وجل: وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ إِذْ دَخَلُوا عَلى داوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ أي خاف منهما حين هجما عليه في محرابه بغير إذنه فقال لهما من أدخلكما عليّ قالُوا لا تَخَفْ خَصْمانِ أي نحن خصمان بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ أي تعدى وخرج عن الحد جئناك لتقضي بيننا.
فإن قلت إذ جعلتهما ملكين فكيف يتصور البغي منهما والملائكة لا يبغي بعضهم على بعض؟.
قلت هذا من معاريض الكلام لا على تحقيق البغي من أحدهما والمعنى رأيت خصمين بغى أحدهما على الآخر فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ أي لا تجر في حكمك وَاهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ
أي أرشدنا إلى طريق الحق والصواب فقال لهما داود تكلما فقال أحدهما.
إِنَّ هذا أَخِي على ديني وطريقتي لا من جهة النسب لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً يعني امرأة وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ أي امرأة واحدة والعرب تكني بالنعجة عن المرأة وهذا على سبيل التعريض للتنبيه والتفهيم لأنه لم يكن هناك نعاج ولا بغي فَقالَ أَكْفِلْنِيها قال ابن عباس أي أعطنيها وقيل معناه انزل عنها وضمها إلي واجعلني كافلها والمعنى طلقها لأتزوجها وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ يعني غلبني وقهرني في القول لأنه أفصح مني في الكلام وإن حارب كان أبطش مني لقوة ملكه والمعنى أن الغلبة كانت له عليّ لضعفي في يده وإن كان الحق وهذا كله تمثيل لأمر داود مع أوريا زوج المرأة التي تزوجها داود حيث كان لداود تسع وتسعون امرأة ولأوريا امرأة واحدة فضمها داود إلى نسائه.