قوله عز وجل: الْحَاقَّةُ يعني القيامة سميت حاقة من الحق الثابت يعني أنها ثابتة الوقوع لا ريب فيها.
وقيل لأن فيها تحقيق الأمور فتعرف على الحقيقة وفيها يحق الجزاء على الأعمال أي يجب. وقيل الحاقة النازلة التي حقت فلا كاذبة لها. وقيل الحاقة هي التي تحق على القوم أي تقع بهم، مَا الْحَاقَّةُ استفهام ومعناه التفخيم لشأنها والتهويل لها والمعنى أي شيء هي الحاقة وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ أي إنك لا تعلمها إذ لم تعاينها ولم تر ما فيها من الأهوال على أنه من العظم والشدة أمر لا تبلغه دراية أحد ولا فكره وكيف قدرت حالها فهي أعظم من ذلك.
كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعادٌ بِالْقارِعَةِ قال ابن عباس بالقيامة سميت قارعة لأنها تقرع قلوب العباد بالمخافة. وقيل كذبت بالعذاب أي الذي أوعدهم نبيهم حتى نزل بهم فقرع قلوبهم فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ أي طغيانهم وكفرهم. وقيل الطاغية الصيحة الشديدة المجاوزة الحد في القوة. وقيل الطاغية الفرقة التي عقروا الناقة فأهلك قوم ثمود بسببهم وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ أي شديدة الصوت في الهبوب لها صرصرة. وقيل هي الباردة من الصر كأنها التي كرر فيها البرد وكثر فهي تحرق بشدة بردها عاتِيَةٍ أي عتت على خزنتها فلم تطعهم ولم يكن لهم عليهم سبيل وجاوزت الحد والمقدار فلم يعرفوا مقدار ما خرج منها. وقيل عتت على عاد فلم يقدروا على دفعها عنهم بقوة ولا حيلة سَخَّرَها عَلَيْهِمْ أي أرسلها وسلطها عليهم وفيه رد على من قال إن سبب ذلك كان باتصال الكواكب فنفى هذا المذهب بقوله سخرها عليهم وبين الله تعالى أن ذلك بقضائه وقدره وبمشيئته لا باتصال الكواكب، سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ ذات برد ورياح شديدة. قال وهب هي الأيام التي سماها العرب العجوز لأنها أيام ذات برد ورياح شديدة وسميت عجوزا لأنها تأتي في عجز الشتاء وقيل لأن عجوزا من قوم عاد دخلت سربها فاتبعتها الريح حتى قتلتها حُسُوماً أي متتابعة دائمة ليس فيها فتور، وذلك أن الريح المهلكة