للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحد فأنزل الله تعالى وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أي لا حرج عليكم أن تأكلوا من بيوتكم، قيل أراد من أموال عيالكم وبيوت أزواجكم لأن بيت المرأة كبيت الزوج، وقيل بيوت أولادكم ونسب بيوت الأولاد إلى الآباء لما جاء في الحديث «أنت ومالك لأبيك» أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَواتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خالاتِكُمْ أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ قال ابن عباس: عني بذلك وكيل الرجل وقيمه في ضيعته وماشيته لا بأس عليه أن يأكل من ثمرة ضيعته، ويشرب من لبن ماشيته ولا يحمل ولا يدخر، وقيل يعني بيوت عبيدكم ومماليككم، وذلك أن السيد يملك منزل عبده، والمفاتح الخزائن ويجوز أن يكون المفتاح الذي يفتح به، وإذا ملك الرجل المفتاح فهو خازن، فلا بأس أن يأكل الشيء اليسير، وقيل: ما ملكتم مفاتحه أي ما خزنتموه عندكم وما ملكتموه أَوْ صَدِيقِكُمْ الصديق هو الذي صدقك في المودة قال ابن عباس نزلت في الحارث بن عمرو خرج غازيا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وخلف مالك بن زيد على أهله، فلما رجع وجده مجهودا فسأله عن حاله فقال: تحرجت أن آكل من طعامك بغير إذنك فأنزل الله تعالى هذه الآية، والمعنى أنه ليس عليكم جناح أن تأكلوا من منازل هؤلاء إذا دخلتموها وإن لم يحضروا من غير أن تتزودوا وتحملوا لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً نزلت في بني ليث بن عمرو، وهم حي من كنانة كان الرجل منهم لا يأكل وحده حتى يجد ضيفا يأكل معه فربما قعد الرجل والطعام بين يديه من الصباح إلى الرواح، ربما كانت معه الإبل الحفل فلا يشرب من ألبانها حتى يأتي من يشاربه، فإذا أمسى ولم يجد أحدا أكل وقال ابن عباس: كان الغني يدخل على الفقير من ذوي قرابته وصداقته فيدعوه إلى طعامه فيقول: والله إني لأجنح أي أتحرج أن آكل معك، وأنا غني وأنت فقير فنزلت هذه الآية وقيل: نزلت في قوم من الأنصار كانوا لا يأكلون إذا أنزل بهم ضيف إلا مع ضيفهم، فرخص لهم أن يأكلوا كيف شاؤوا جميعا، أي مجتمعين أو أشتاتا أي متفرقين فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ أي ليسلم بعضكم على بعض هذا في دخول الرجل بيت نفسه يسلم على أهله، ومن في بيته قال قتادة: إذا دخلت بيتك فسلم على أهلك فهم أحق من سلمت عليه، وإذا دخلت بيتا ليس فيه أحد فقل السلام علينا، وعلى عباد الله الصالحين السلام على أهل البيت ورحمة الله وبركاته، حدثنا أن الملائكة ترد عليه وقال ابن عباس إذا لم يكن في البيت أحد، فليقل السلام علينا من ربنا السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين السلام على أهل البيت ورحمة الله وبركاته وعن ابن عباس في قوله تعالى: فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ قال: إذا دخلت المسجد فقل السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً قال ابن عباس حسنة جميلة وقيل ذكر البركة والطيب هاهنا لما فيه من الثواب والأجر كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ أي عن الله أمره ونهيه وآدابه. قوله عز وجل:

[سورة النور (٢٤): الآيات ٦٢ الى ٦٣]

إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذا كانُوا مَعَهُ عَلى أَمْرٍ جامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٦٢) لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٦٣)

إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذا كانُوا مَعَهُ أي مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عَلى أَمْرٍ جامِعٍ أي يجمعهم من حرب أو صلاة حضرت، أو جمعة أو عيد أو جماعة أو تشاور في أمر نزل لَمْ يَذْهَبُوا أي لم

<<  <  ج: ص:  >  >>