قوله عز وجل طس تِلْكَ آياتُ الْقُرْآنِ أي هذه آيات القرآن وَكِتابٍ مُبِينٍ أي وآيات كتاب مبين هُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ أي هو هدى من الضلالة، وبشرى لهم بالجنة الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ أي الخمس بشرائطها وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ أي إذا وجبت عليهم طيبة بها أنفسهم وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ يعني أن هؤلاء الذين يعملون الصالحات هم الموقنون بالآخرة.
يا مُوسى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٩) وَأَلْقِ عَصاكَ فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يا مُوسى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (١٠)
إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ أي القبيحة حتى رأوها حسنة وقيل: إن التزين هو أن يخلق الله العلم في القلب بما فيه المنافع واللذات ولا يخلق العلم بما فيه المضار والآفات فَهُمْ يَعْمَهُونَ أي يترددون فيها متحيرين أُوْلئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذابِ أي أشده وهو القتل والأسر وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ أي أنهم خسروا أنفسهم وأهليهم وساروا إلى النار. قوله تعالى وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ أي تؤتاه وتلقنه وحيا مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ أي حكيم عليم بما أنزل إليك. فإن قلت: ما الفرق بين الحكمة والعلم.
قلت: الحكمة هي العلم بالأمور العلمية فقط والعلم أعم منه لأنه العلم قد يكون علما، وقد يكون نظرا والعلوم النظرية أشرف إِذْ قالَ أي واذكر يا محمد إذ قال مُوسى لِأَهْلِهِ أي في مسيره بأهله من مدين إلى مصر إِنِّي آنَسْتُ أي أبصرت ناراً سَآتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أي امكثوا مكانكم سآتيكم بخبر عن الطريق، وقد كان ضل عن الطريق أَوْ آتِيكُمْ بِشِهابٍ قَبَسٍ الشهاب شعلة النار والقبس النار المقبوسة منها، وقيل: القبس هو العود الذي في أحد طرفيه نار لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ يعني تستدفئون من البرد وكان في شدة الشتاء فَلَمَّا جاءَها نُودِيَ أَنْ بُورِكَ