للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سورة يس (٣٦): الآيات ٢٨ الى ٣٢]

وَما أَنْزَلْنا عَلى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّماءِ وَما كُنَّا مُنْزِلِينَ (٢٨) إِنْ كانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ خامِدُونَ (٢٩) يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ ما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٣٠) أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ (٣١) وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ (٣٢)

وَما أَنْزَلْنا عَلى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّماءِ يعني الملائكة وَما كُنَّا مُنْزِلِينَ أي ما كنا لنفعل هذا بل الأمر في إهلاكهم كان أيسر مما تظنون ثم بيّن عقوبتهم فقال تعالى: إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً قال المفسرون أخذ جبريل بعضادتي باب المدينة وصاح بهم صيحة واحدة فَإِذا هُمْ خامِدُونَ أي ميتون يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ يعني يا لها حسرة وندامة وكآبة على العباد والحسرة أن يركب الإنسان من شدة الندم ما لا نهاية له حتى يبقى قلبه حسيرا، قيل تحسروا على أنفسهم لما عاينوا من العذاب حيث لم يؤمنوا بالرسل الثلاثة فتمنوا الإيمان حيث لم ينفعهم وقيل تتحسر عليهم الملائكة حيث لم يؤمنوا بالرسل وقيل يقول الله تعالى يا حسرة على العباد يوم القيامة حيث لم يؤمنوا بالرسل ثم بين سبب تلك الحسرة فقال تعالى: ما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ قوله تعالى: أَلَمْ يَرَوْا أي ألم يخبروا خطاب لأهل مكة كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أي من الأمم الخالية من أهل كل عصر سموا بذلك لاقترانهم في الوجود أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ أي لا يعودون إلى الدنيا أفلا يعتبرون بهم وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ يعني أن جميع الأمم يحضرون يوم القيامة.

[سورة يس (٣٦): الآيات ٣٣ الى ٤٢]

وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها وَأَخْرَجْنا مِنْها حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ (٣٣) وَجَعَلْنا فِيها جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ وَفَجَّرْنا فِيها مِنَ الْعُيُونِ (٣٤) لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلا يَشْكُرُونَ (٣٥) سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ (٣٦) وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ (٣٧)

وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (٣٨) وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (٣٩) لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (٤٠) وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (٤١) وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ (٤٢)

وَآيَةٌ لَهُمُ يعني تدلهم على كمال قدرتنا على إحياء الموتى الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها أي بالمطر وَأَخْرَجْنا مِنْها أي من الأرض حَبًّا يعني الحنطة والشعير وما أشبههما فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ أي من الحب وَجَعَلْنا فِيها يعني في الأرض جَنَّاتٍ يعني بساتين مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ وَفَجَّرْنا فِيها مِنَ الْعُيُونِ لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ يعني من الثمر الحاصل بالماء وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ يعني من الزرع والغرس الذي تعبوا فيه وقرئ عملت بغير هاء، وقيل ما للنفي والمعنى ولم تعمله أيديهم وليس من صنيعهم بل وجدوها معمولة وقيل أراد العيون والأنهار التي لم تعملها يد خلق مثل النيل والفرات ودجلة أَفَلا يَشْكُرُونَ يعني نعمة الله تعالى سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها يعني الأصناف كلها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ أي من الأشجار والثمار والحبوب وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ يعني الذكر والأنثى وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ يعني مما خلق الله تعالى من الأشياء في البر والبحر من الدواب.

قوله عز وجل: وَآيَةٌ لَهُمُ يعني تدلهم على قدرتنا اللَّيْلُ نَسْلَخُ أي ننزع ونكشط مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ يعني فإذا هم في الظلمة وذلك أن الأصل هي الظلمة والنهار داخل عليها فإذا غربت الشمس سلخ النهار من الليل فتظهر الظلمة وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها يعني إلى مستقر لها قيل إلى انتهاء سيرها عند انقضاء الدنيا وقيام الساعة وقيل تسير في منازلها حتى تنتهي إلى مستقرها، الذي لا تجاوزه ثم ترجع إلى أول

<<  <  ج: ص:  >  >>