للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للنصارى والنصارى لليهود. وقيل: أمم كانت قبل اليهود والنصارى مثل قوم نوح وهود وصالح ولوط وشعيب.

قالوا في أنبيائهم: ليسوا على شيء فَاللَّهُ يَحْكُمُ أي يقضي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ يعني بين المحق والمبطل فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ يعني من أمر الدين قوله عز وجل:

[سورة البقرة (٢): الآيات ١١٤ الى ١١٥]

وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعى فِي خَرابِها أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلاَّ خائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ (١١٤) وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ واسِعٌ عَلِيمٌ (١١٥)

وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ نزلت في خراب بيت المقدس وذلك أن ططوس الرومي غزا بني إسرائيل فقتل مقاتلتهم، وسبى ذراريهم وحرق التوراة وخرب بيت المقدس فلم يزل خرابا حتى بناه المسلمون في زمن عمر بن الخطاب فأنزل الله تعالى وَمَنْ أَظْلَمُ أي ومن أكفر وأبغى ممن منع مساجد الله، يعني بيت المقدس ومحاريبه أن يذكر فيها اسمه أي يعبد ويصلي له فيها وَسَعى فِي خَرابِها وقيل: أن بختنصر المجوسي من أهل بابل هو الذي غزا بني إسرائيل وخرب بيت المقدس وأعانه على ذلك النصارى من أجل اليهود، قتلوا يحيى بن زكريا أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلَّا خائِفِينَ وذلك أن بيت المقدس موضع حج النصارى وزيارتهم قال ابن عباس: لم يدخلها بعد عمارتها رومي أو نصراني إلّا خائفا إن علم به قتل وقيل أخيفوا بالجزية والقتل فالجزية على الذمي، والقتل على الحربي وقيل: خوفهم هو فتح مدائنهم الثلاث قسطنطينية ورومية وعمورية لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ يعني الصغار والذل والقتل والسبي وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ يعني النار. وقيل: إن الآية نزلت في مشركي مكة وأراد بالمساجد المسجد الحرام وذلك أنهم منعوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه أن يصلوا فيه في ابتداء الإسلام، ومنعوهم من حجه والصلاة فيه عام الحديبية، وإذا منعوا من يعمره بذكر الله تعالى وصلواته فيه فقد سعوا في خرابه أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلّا خائفين يعني مشركي مكة يقول الله تعالى: أفتحها عليكم أيها المسلمون حتى تدخلوها وتكونوا أولى بها منهم ففتحها عليهم وأمر النبي صلّى الله عليه وسلّم أن ينادى بالموسم لما نزلت سورة براءة: ألا لا يحجن البيت بعد هذا العام مشرك فكان هذا خوفهم وثبت في الشرع أن لا يمكن مشرك من دخول الحرم. فإن قلت كيف قيل مساجد الله وإنما وقع المنع والتخريب على مسجد واحد وهو إما بيت المقدس أو المسجد الحرام؟. قلت يجوز أن يجيء الحكم عاما وإن كان السبب خاصا كما تقول لمن آذى صالحا واحدا ومن أظلم ممن آذى الصالحين. فإن قلت أي القولين أرجح؟. قلت رجح الطبري القول الأول وقال إن النصارى هم الذين سعوا في خراب بيت المقدس بدليل أن مشركي مكة لم يسعوا في خراب المسجد الحرام، وإن كانوا قد منعوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في بعض الأوقات من الصلاة فيه، وأيضا فإن الآية التي قبل هذه والتي بعدها في ذم أهل الكتاب، ولم يجر لمشركي مكة ذكر ولا للمسجد الحرام فتعين أن يكون المراد بهذه بيت المقدس، ورجح غيره القول الثاني بدليل أن النصارى يعظمون بيت المقدس أكثر من اليهود فكيف يسعون في خرابه وهو موضع حجهم. وذكر ابن العربي في أحكام القرآن قولا ثالثا، وهو أنه كل مسجد قال وهو الصحيح لأن اللفظ عام ورد بصيغة الجمع فتخصيصه ببعض المساجد أو ببعض الأزمنة محال. قوله عز وجل: وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ سبب نزول هذه الآية قال ابن عباس: خرج نفر من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في سفر قبل تحويل القبلة إلى الكعبة فأصابهم الضباب وحضرت الصلاة، فتحروا القبلة وصلوا فلما ذهب الضباب استبان لهم أنهم لم يصيبوا، فلما قدموا سألوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن ذلك فنزلت هذه الآية. وعن عامر بن ربيعة عن أبيه، قال: كنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في سفر في ليلة مظلمة فلم ندر أين القبلة فصلى كل رجل منا على حياله فلما أصبحنا ذكرنا ذلك لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم فنزلت

<<  <  ج: ص:  >  >>