أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يظن أن كل من يسمع القرآن يؤمن به فلما سمع المشركون القرآن وسخروا منه ولم يؤمنوا به عجب من ذلك النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال الله تعالى بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ وَإِذا ذُكِّرُوا لا يَذْكُرُونَ أي وإذا وعظوا لا يتعظون وَإِذا رَأَوْا آيَةً قال ابن عباس يعني انشقاق القمر يَسْتَسْخِرُونَ أي يستهزئون.
وقيل يستدعي بعضهم بعضا إلى أن يسخر وَقالُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ أي بيّن أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ داخِرُونَ أي صاغرون فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ أي صيحة واحدة وهي نفخة البعث فَإِذا هُمْ يَنْظُرُونَ يعني أحياء.
[سورة الصافات (٣٧): الآيات ٢٠ الى ٢٦]
وَقالُوا يا وَيْلَنا هذا يَوْمُ الدِّينِ (٢٠) هذا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢١) احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ وَما كانُوا يَعْبُدُونَ (٢٢) مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ (٢٣) وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ (٢٤)
ما لَكُمْ لا تَناصَرُونَ (٢٥) بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ (٢٦)
وَقالُوا يا وَيْلَنا هذا يَوْمُ الدِّينِ يعني يوم الحساب والجزاء هذا يَوْمُ الْفَصْلِ أي القضاء وقيل بين المحسن والمسيء الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ أي في الدنيا احْشُرُوا أي اجمعوا الَّذِينَ ظَلَمُوا أي أشركوا وقيل هو عام في كل ظالم وَأَزْواجَهُمْ أي أشباههم وأمثالهم فكل طائفة مع مثلها فأهل الخمر مع أهل الخمر وأهل الزنا مع أهل الزنا وقيل أزواجهم أي قرناءهم من الشياطين يقرن كل كافر مع شيطانه في سلسلة وقيل أزواجهم المشركات وَما كانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أي في الدنيا يعني الأصنام والطواغيت وقيل إبليس وجنوده فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ قال ابن عباس أي دلوهم إلى طريق النار وَقِفُوهُمْ أي احبسوهم إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ لما سيقوا إلى النار حبسوا عند الصراط للسؤال قال ابن عباس عن جميع أقوالهم وأفعالهم ويروى عنه عن لا إله إلا الله وروى عن أبي برزة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال «لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع عن عمره فيما «١» أفناه وعن علمه ماذا عمل به وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه وعن جسمه فيما أبلاه» وفي رواية.
«عن شبابه فيما أبلاه» أخرجه الترمذي وله عن أنس أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «قال ما من داع دعا إلى شيء إلا كان موقوفا يوم القيامة لازما به لا يفارقه وإن دعا رجل رجلا ثم قرأ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ ما لَكُمْ لا تَناصَرُونَ أي تقول لهم خزنة جهنم توبيخا لهم ما لكم لا ينصر بعضكم بعضا وهذا جواب لأبي جهل حيث قال يوم بدر نحن جميع منتصر قال الله تعالى: بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ قال ابن عباس خاضعون. وقيل منقادون والمعنى هم اليوم أذلاء منقادون لا حيلة لهم.
[سورة الصافات (٣٧): الآيات ٢٧ الى ٣٧]
وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ (٢٧) قالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ (٢٨) قالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٢٩) وَما كانَ لَنا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بَلْ كُنْتُمْ قَوْماً طاغِينَ (٣٠) فَحَقَّ عَلَيْنا قَوْلُ رَبِّنا إِنَّا لَذائِقُونَ (٣١)
فَأَغْوَيْناكُمْ إِنَّا كُنَّا غاوِينَ (٣٢) فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ (٣٣) إِنَّا كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (٣٤) إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ لا إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ (٣٥) وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ (٣٦)
بَلْ جاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ (٣٧)
وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يعني الرؤساء والأتباع يَتَساءَلُونَ يعني يتخاصمون قالُوا يعني الرؤساء للأتباع إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ يعني من قبل الدين فتضلوننا وتروننا أن الدين ما تضلوننا به. وقيل كان الرؤساء يحلفون لهم أن الدين الذي يدعونهم إليه هو الحق والمعنى أنكم حلفتم لنا فوثقنا بأيمانكم وقيل عن
(١) قوله فيما أفناه إلخ. كذا في النسخ بإثبات ألف ما الاستفهامية وهو قليل.