تعالى لتعتبروا بها. وقال عطية العوفي يعني دار فرعون وقومه وهي مصر. وقال السدي: يعني منازل الكفار وقال الكلبي هي منازل عاد وثمود والقرون الذين هلكوا فكانوا يمرون عليها إذا سافروا.
قوله عز وجل: سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ قال ابن عباس يريد الذين يتجبرون على عبادي ويحاربون أوليائي سأصرفهم عن قبول آياتي والتصديق بها حتى لا يؤمنوا بي عقوبة بحرمان الهداية لعنادهم الحق. وقال سفيان بن عيينة: سأمنعهم فهم القرآن وقيل معناه سأصرفهم عن التفكير في خلق السموات والأرض وما فيهما من الآيات والعبر وقيل حكم الآية لأهل مصر خاصة وأراد بالآيات الآيات التسع التي أعطاها الله تعالى لموسى عليه الصلاة والسلام والأكثرون على أن الآية فيه دليل لمذهب أهل السنة على أن الله تعالى يهدي من يشاء ويضل من يشاء ويصرف عن آياته ويقبل الحق من يشاء ويوفق بالتفكر في آياته وقبول الحق من يشاء لأنه القادر على ما يشاء لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ ومعنى الذين يتكبرون الذين يرون أنهم أفضل الخلق وأن لهم من الحق ما ليس لغيرهم والتكبر على هذه الصفة لا يكون إلا لله عز وجل لأنه هو الذي له القدرة والفضل الذي ليس لأحد سواه فالتكبر في حق الله عز وجل صفة مدح وفي حق المخلوقين صفة ذم لأنه تكبر بما ليس له ولا يستحقه وقيل التكبر إظهار كبر النفس على غيرها فهو صفة ذم في حق جميع العباد وقوله يتكبرون من الكبر لا من التكبر أن يفتعلون التكبر ويرون أنهم أفضل من غيرهم فلذلك قال يتكبرون في الأرض بغير الحق بل بالباطل وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ يعني طريق الحق والهدى والسداد والصواب لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا يعني لا يختاروه لأنفسهم طريقا يسلكونه إلى الهداية وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يعني طريق الضلال يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا يعني ذلك اختاروه لأنفسهم من ترك الرشد واتباع الغي بسبب أنهم كذبوا بآيات الله الدالة على توحيده وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ يعني عن التفكر فيها والاتعاظ بها،
وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ يعني ولقاء الدار الآخرة التي فيها الثواب والعقاب حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ يعني بطلت فصارت كأن لم تكن والمعنى أنه قد يكون في الذين يكذبون بآيات الله من يعمل البر والإحسان والخير فبين الله تعالى بهذه الآية أن ذلك ليس ينفعهم من كفرهم وتكذيبهم بآيات الله وإنكارهم الدار الآخرة والبعث هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ
يعني هل يجزون في العقبى إلا جزاء العمل الذي كانوا يعملونه في الدنيا.