للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يبيضونها. وقيل: إن مريم سلمت عيسى إلى أعمال شتى فكان آخر من سلمته إليه الحواريين وكانوا قصارين وصباغين فدفعته إلى رئيسهم ليتعلم منه فاجتمع عنده ثياب وعرض له سفر فقال لعيسى: إنك قد تعلمت هذه الصنعة وأنا خارج إلى السفر ولا أرجع إلى عشرة أيام وهذه ثياب مختلفة الألوان، وقد علمت كل واحد منها بخيط على اللون الذي يصبغ به فأريد أن تفرغ منها وقت وقدومي. وخرج المعلم إلى سفره فطبخ عيسى حبا واحدا على لون واحد وأدخل فيه جميع الثياب وقال؟ كوني بإذن الله على ما أريد منك ثم قدم الحواري والثياب كلها في الحب فقال لعيسى: ما فعلت؟ قال قد فرغت منها قال وأين هي؟ قال في الحب قال كلها: قال: نعم قال لقد أفسدت علي الثياب قال عيسى: لا ولكن قم فانظر وقام عيسى وأخرج ثوبا أحمر وثوبا أخضر وثوبا أصفر وثوبا أسود حتى أخرجها كلها على الألوان التي يريد الحواري فجعل الحواري يتعجب من ذلك وعلم أن ذلك من الله تعالى فقال للناس: تعالوا فانظروا فآمن به هو وأصحابه وهم الحواريون. وقيل: سموا حواريين لصفاء قلوبهم ولما ظهر عليهم من أثر العبادة ونورها وقيل: الحواريون الأصفياء وكانوا أصفياء عيسى وخاصته وقيل: الحواريون هم الخلفاء وقيل: هم الوزراء وكانوا خلفاء عيسى ووزراؤه وقيل: الحواريون هم الأنصار والحواري الناصر والحواري الرجل الذي يستعان به (ق) عن جابر بن عبد الله قال: ندب النبي صلّى الله عليه وسلّم الناس يوم الخندق فانتدب الزبير ثم ندبهم فانتدب الزبير ثم ندبهم فانتدب الزبير فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم إن لكل نبي حواريا وحواريي الزبير قال الحواريون: نحن أنصار الله يعني أنصار دين الله ورسوله وأعوانه آمَنَّا بِاللَّهِ أي صدقنا بأن الله ربنا ورب كل شيء وَاشْهَدْ يعني أنت يا عيسى بِأَنَّا مُسْلِمُونَ قيل: معناه واشهد بأنا منفادون لما تريد من نصرك والذب عنك ومستسلمون لأمر الله عز وجل وقيل: هو إقرار منهم بأن دينهم الإسلام وأنه دين عيسى وكل الأنبياء قبله لا اليهودية والنصرانية.

[سورة آل عمران (٣): الآيات ٥٣ الى ٥٤]

رَبَّنا آمَنَّا بِما أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ (٥٣) وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ (٥٤)

رَبَّنا آمَنَّا بِما أَنْزَلْتَ يعني قال الحواريون بعد إشهاد عيسى عليهم بأنهم مسلمون ربنا آمنا بما أنزلت يعني بكتابك الذي أنزلته على عيسى عليه السلام وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ يعني عيسى فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ يعني الذين شهدوا لأنبيائك بالصدق واتبعوا أمرك ونهيك فأثبت أسماءنا مع أسمائهم واجعلنا في عدادهم ومعهم فيما تكرمهم به وهذا يقتضي أن يكون للشاهدين الذين سألوا الحواريون أن يكونوا معهم مزيد فضل عليهم فلهذا قال ابن عباس في قوله: فاكتبنا مع الشاهدين أي مع محمد صلّى الله عليه وسلّم وأمته لأنهم المخصوصون بتلك الفضيلة فإنهم يشهدون للرسل بالبلاغ وقيل: مع الشاهدين يعني النبيين لأن كل نبي شاهد على أمته قوله عز وجل: وَمَكَرُوا يعني كفار بني إسرائيل الذين أحس عيسى منهم الكفر وأصل المكر صرف الغير عما يقصده بضرب من الحيلة وقيل:

هو السعي بالفساد في الخفية فأما مكرهم بعيسى فإنهم دبروا في قتله وهموا به وذاك أن عيسى عليه السلام بعد أن أخرجه قومه هو وأمه رجع مع الحواريين وصاح فيهم بالدعوة وأظهر رسالته إليهم فهموا بقتله والفتك به فلذلك مكرهم والمكر من الخلق الخبيث والخديعة والحيلة وَمَكَرَ اللَّهُ أي جازاهم على مكرهم فسمي الجزاء باسم الابتداء لأنه في مقابلته وقيل: مكر الله استدراج العبد وأخذه بغتة من حيث لا يحتسب ومكر الله في هذه الآية خاصة هو إلقاء الشبه على صاحبهم الذي دلهم على عيسى حين أرادوا قتله حتى قتل قال ابن عباس أن عيسى عليه السلام استقبل رهطا من اليهود فلما رأوه قالوا: قد جاء الساحر ابن الساحر والفاعل ابن الفاعلة فقذفوه وأمه، فلما سمع عيسى ذلك دعا عليهم ولعنهم فمسخوا خنازير فلما رأى ذلك يهودا رأس اليهود وملكهم فزع لذلك وخاف دعوته فاجتمعت كلمة اليهود على قتل عيسى وساروا إليه ليقتلوه فبعث الله عز وجل جبريل فأدخله

<<  <  ج: ص:  >  >>