مكية وهي ست آيات وست وعشرون كلمة وأربعة وتسعون حرفا عن أنس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «من قرأ إِذا زُلْزِلَتِ عدلت له نصف القرآن ومن قرأ قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ عدلت له ربع القرآن ومن قرأ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ عدلت له ثلث القرآن» أخرجه التّرمذي وقال حديث غريب وله عن ابن عباس نحوه، وقال فيه غريب، ووجه كون هذه السّورة تعدل ربع القرآن أن القرآن مشتمل على الأمر والنهي، وكل واحد منهما ينقسم إلى ما يتعلق بعمل القلوب، وإلى ما يتعلق بعمل الجوارح، فحصل من ذلك أربعة أقسام وهذه السّورة مشتملة على النهي عن عبادة غير الله تعالى وهي من الاعتقاد وذلك من أفعال القلوب، فكانت هذه السورة ربع القرآن على هذا التقسيم، والله سبحانه وتعالى أعلم.
بسم الله الرّحمن الرّحيم
[سورة الكافرون (١٠٩): الآيات ١ الى ٦]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ (١) لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ (٢) وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ (٣) وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ (٤)
قوله عزّ وجلّ: قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ إلى آخر السّورة نزلت في رهط من قريش منهم الحارث بن قيس السّهمي، والعاص بن وائل السهمي والوليد بن المغيرة، والأسود بن عبد يغوث، والأسود بن عبد المطلب بن أسد، وأمية بن خلف قالوا يا محمد هلم اتبع ديننا ونتبع دينك، ونشركك في ديننا كله تعبد آلهتنا سنة، ونعبد إلهك سنة فإن كان الذي جئت به خيرا كنا قد شركناك فيه، وأخذنا حظنا منه، وإن كان الذي بأيدينا خيرا كنت قد شركتنا في أمرنا، وأخذت بحظك منه فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم معاذ الله أن أشرك به غيره قالوا فاستلم بعض آلهتنا نصدقك، ونعبد إلهك قال حتى أنظر ما يأتي من ربي فأنزل الله قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ إلى آخر السورة فغدا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى المسجد الحرام وفيه أولئك الملأ من قريش، فقام على رؤوسهم ثم قرأها عليهم حتى فرغ من السّورة فأيسوا منه عند ذلك وآذوه وأصحابه، وقيل إنهم لقوا العباس، فقالوا يا أبا الفضل لو أن ابن أخيك استلم بعض آلهتنا لصدقناه فيما يقول، ولآمنّا بإلهه، فأتاه العباس، فأخبره بقولهم، فنزلت هذه السّورة وقيل نزلت في أبي جهل والمستهزئين ومن لم يؤمن منهم.
ومعنى ذلك، أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان مأمورا بتبليغ الرّسالة بجميع ما أوحي إليه فلما قال الله تعالى قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ أداه النبي صلّى الله عليه وسلّم كما سمعه من جبريل عليه السّلام فكأنه صلّى الله عليه وسلّم قال أمرت بتبليغ جميع ما أنزل الله عليّ، وكان فيما نزل عليه قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ وقيل إن النّفوس تأبى سماع الكلام الغليظ الشّنيع من النّظير، ولا أشنع ولا أغلظ من المخاطبة بالكفر فكأنه صلّى الله عليه وسلّم قال ليس هذا من عندي إنما هو من عند الله عزّ وجلّ وقد أنزل الله عليّ قل يا أيها الكافرون والمخاطبون بقوله يا أيّها الكافرون كفرة مخصوصون قد سبق في علم الله أنهم لا