للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا صلاة لمن لا وضوء له ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه» أخرجه أبو داود وابن ماجة. وقوله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا أي اغتسلوا أمر الله بالاغتسال من الجنابة وذلك يجب على الرجل والمرأة بأحد شيئين: إما بخروج المني على أي صفة كان من احتلام أو غيره أو بالتقاء الختانين وإن لم يكن معه إنزال فإذا حصل وجب الغسل (ق).

عن عائشة: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اغتسل من الجنابة بدأ فغسل يديه ثم يفرغ بيمينه على شماله فيغسل فرجه ثم يتوضأ كما يتوضأ للصلاة ثم يدخل أصابعه في الماء يخلل بهما أصول شعره ثم يصب على رأسه ثلاث غرفات بيده ثم يفيض الماء على سائر جسده» أو قوله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ فقد تقدم تفسيره وأحكامه في تفسير سورة النساء وفي قوله تعالى منه دليل على أنه يجب مسح الوجه واليدين بالصعيد وهو التراب. وقوله تعالى: ما يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ يعني من ضيق بما فرض عليكم من الوضوء والغسل والتيمم عند عدم الماء وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ يعني من الأحداث والذنوب والخطايا لأن الوضوء تكفير للذنوب لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ يعني تشكرون نعمة الله عليكم بأن طهركم من الأحداث والذنوب وما جعل عليكم في الدين من حرج.

[سورة المائدة (٥): الآيات ٧ الى ٩]

وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٧) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَداءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (٨) وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (٩)

قوله تعالى: وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ يعني: ما أنعم به عليكم من النعم كلها، لأن كثرة النعم وذكرها يوجب مزيد الشكر من المنعم عليه والاشتغال بطاعة المنعم بها والانقياد لأمره وهو الله تعالى: وَمِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ يعني: واذكروا عهده الذي عاهدكم به أيها المؤمنون إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنا وَأَطَعْنا وذلك حين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة فيما أحبوا وكرهوا وقيل الميثاق هو الذي أخذه عليهم في يوم ألست بربكم قالوا بلى:

وَاتَّقُوا اللَّهَ يعني فيما أخذه عليكم من الميثاق فلا تنقضوه إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ يعني إن الله تعالى عالم بما في قلوب عباده من خير وشر. وقوله عز وجل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ قال ابن عباس يريد أنهم يقومون لله بحقه ومعنى ذلك: هو أن يقوم لله بالحق في كل ما يلزمه القيام به من العمل بطاعته واجتناب نواهيه شُهَداءَ بِالْقِسْطِ يعني وتشهدون بالعدل يقول لا تحاب في شهادتك أهل ودّك وقرابتك ولا تمنع شهادتك أهل بغضك وأعداءك أقم شهادتك لهم وعليهم بالصدق والعدل.

وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ ولا يحملنكم بغض قوم عَلى أَلَّا تَعْدِلُوا على ترك العدل فيهم لعدوانهم اعْدِلُوا أمر الله بالعدل في كل أحد القريب والبعيد والصديق والعدو هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى أي العدل أقرب للتقوى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ يعني: أن الله تعالى خبير بجميع أعمالكم مطلع عليها وخبير بمن عدل ومن لم يعدل.

قوله تعالى: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ يعني عملوا بما واثقهم الله به وأوفوا بالعهود التي عاهدهم عليها لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ هذا بيان للوعد كأنه لما تقدم ذكر الوعد فقيل: أي شيء هذا الوعد؟

فقال: لهم مغفرة وأجر عظيم وإذا وعدهم أنجز لهم الوعد فإنه تعالى لا يخلف الميعاد.

<<  <  ج: ص:  >  >>