يجلس فيه ولكن توسعوا وتفسحوا يفسح الله لكم»، (م) عن جابر بن عبد الله قال «لا يقيمن أحدكم أخاه يوم الجمعة ثم يخالف إلى مقعده فيقعد فيه ولكن يقول افسحوا» ذكره الحميدي في أفراد مسلم موقوفا على جابر ورفعه غير الحميدي وقيل في معنى الآية إن هذا في مجالس العرب ومقاعد القتال كان الرجل يأتي القوم وهم في الصف فيقول توسعوا فيأبون عليه لحرصهم على القتال ورغبتهم في الشهادة فأمروا بأن يوسعوا لإخوانهم لأن الرجل الشديد البأس قد يكون متأخرا عن الصف الأول والحاجة داعية إلى تقدمه فلا بد من التفسح له ثم يقاس على ذلك سائر المجالس كمجالس العلم والقرآن والحديث والذكر ونحو ذلك لأن كل من وسع على عباد الله أنواع الخير والراحة وسع الله عليه خيري الدنيا والآخرة. وَإِذا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا أي إذا قيل ارتفعوا عن مواضعكم حتى توسعوا لإخوانكم فارتفعوا وقيل كان رجال يتثاقلون عن الصلاة في الجماعة إذا نودي لها فأنزل الله تعالى هذه الآية والمعنى إذا نودي إلى الصلاة فانهضوا إليها وقيل إذا قيل لكم انهضوا إلى الصلاة وإلى الجهاد وإلى كل خير فانهضوا إليه ولا تقصروا عنه، يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ أي بطاعتهم لله ولرسوله وامتثال أوامره في قيامهم من مجالسهم وتوسعتهم لإخوانهم وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أي ويرفع الذين أوتوا العلم من المؤمنين بفضل علمهم وسابقتهم دَرَجاتٍ أي على من سواهم في الجنة قيل يقال للمؤمن الذي ليس بعالم إذا انتهى إلى باب الجنة أدخل ويقال للعالم قف فاشفع في الناس أخبر الله عز وجل أن رسوله صلّى الله عليه وسلّم مصيب فيما أمروا أن أولئك المؤمنين مثابون فيما ائتمروا وأن النفر من أهل بدر مستحقون لما عوملوا به من الإكرام وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ قال الحسن قرأ ابن مسعود هذه الآية وقال يا أيها الناس افهموا هذه الآية ولنرغبنكم في العلم فإن الله تعالى يقول يرفع المؤمن العالم فوق المؤمن الذي ليس بعالم درجات وقيل إن العالم يحصل له بعلمه من المنزلة والرفعة ما لا يحصل لغيره لأنه يقتدي بالعالم في أقواله وفي أفعاله كلها عن قيس بن كثير قال قدم رجل من المدينة على أبي الدرداء وهو بدمشق فقال ما أقدمك يا أخي قال حديث بلغني أنك تحدثه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال أما جئت لحاجة غيره؟ قال لا قال أما قدمت
في تجارة؟ قال لا قال ما جئت إلا في طلب هذا الحديث؟ قال نعم قال فإني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول «من سلك طريقا يبتغي فيه علما سلك الله به طريقا إلى الجنة وإن الملائكة تضع أجنحتها رضا لطالب العلم وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما إنما أورثوا العلم فمن أخذه فقد أخذ بحظ وافر» أخرجه الترمذي ولأبي داود نحوه، (ق) عن معاوية بن أبي سفيان قال سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول «من يريد الله به خيرا يفقهه في الدين» وعن ابن عباس مثله أخرجه الترمذي وروى البغوي بسنده عن عبد الله بن عمرو بن العاص «أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مر بمجلسين في مسجده أحد المجلسين يدعون إلى الله ويرغبون إليه والآخر يتعلمون الفقه ويعلمونه فقال كلا المجلسين على خير وأحدهما أفضل من صاحبه».
أما هؤلاء فيدعون إلى الله ويرغبون إليه وأما هؤلاء فيتعلمون الفقه ويعلمون الجاهل فهؤلاء أفضل وإنما بعثت معلما ثم جلس فيهم» قوله تعالى:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً يعني إذا أردتم مناجاة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقدموا أمام ذلك صدقة وفائدة ذلك إعظام مناجاة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فإن الإنسان إذا وجد الشيء بمشقة استعظمه