فاته عمله في أحدهما قضاه في الآخر. قال شقيق: جاء رجل إلى عمر بن الخطاب. قال فاتتني الصلاة الليلة قال أدرك ما فاتك من ليلتك في نهارك، فإنّ الله جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر. وقيل جعل كل واحد منهما مخالفا لصاحبه فجعل هذا أسود وهذا أبيض وقيل يخلف أحدهما صاحبه إذا ذهب هذا جاء هذا فهما يتعقبان في الضياء، والظلمة والزيادة والنقصان لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أي يتذكر ويتعظ أَوْ أَرادَ شُكُوراً يعني شكر نعمة ربه عليه فيهما. قوله عز وجل وَعِبادُ الرَّحْمنِ قيل هذه الإضافة للتخصيص، والتفضيل وإلا فالخلق كلهم عباد الله الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً يعني بالسكينة والوقار متواضعين غير أشرين، ولا مرحين ولا متكبرين بل علماء حكماء، أصحاب وقار وعفة وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ يعني السفهاء بما يكرهونه قالُوا سَلاماً يعني سدادا من القول يسلمون فيه لا يسفهون وإن سفه عليهم حلموا ولم يجهلوا وليس المراد منه السلام المعروف وقيل هذا قبل أن يؤمروا بالقتال ثم نسختها آية القتال ويروى عن الحسن البصري أنه كان إذا قرأ هذه الآية قال: هذا وصف نهارهم ثم إذا قرأ وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِياماً قال هذا وصف ليلهم، والمعنى يبيتون لربهم في الليل بالصلاة سجدا على وجوههم وقياما على أقدامهم. قال ابن عباس، من صلّى بعد العشاء الأخيرة ركعتين أو أكثر فقد بات لله ساجدا وقائما (م) عن عثمان بن عفان رضي الله عنه: قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «من صلى العشاء في جماعة كان كقيام نصف الليل ومن صلى الفجر في جماعة كان كقيام ليلة» قوله عز وجل:
وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً أي ملحا دائما لازما غير مفارق من عذب من الكفار. قال محمد بن كعب القرظي: سأل الله الكفار ثمن نعمته فلم يؤدوه فأغرمهم فبقوا في النار، وقال كل غريم مفارق غريمه إلا جهنم: وقيل: الغرام الشر اللازم والهلاك الدائم إِنَّها يعني جهنم ساءَتْ بئست مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً أي موضع قرار وإقامة وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا قيل الإسراف النفقة في معصية الله، وإن قلت والإقتار منع حقوق الله تعالى وهو قول ابن عباس. وقيل: الإسراف مجاوزة الحد في الإنفاق، حتى يدخل في حد التبذير والإقتار التقصير عما لا بد منه وهو أن لا يجيع عياله ولا يعريهم ولا ينفق نفقة يقول الناس قد أسرف وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً أي قصدا وسطا بين الإسراف والإقتار وحسنة بين السيئتين قيل: هذه الآية في صفة أصحاب محمد صلّى الله عليه وسلّم كانوا لا يأكلون الطعام للتنعم واللذة لا يلبسون ثوبا للجمال، ولكن كانوا يريدون من الطعام ما يسد عنهم الجوع ويقويهم على عبادة ربهم ومن الثياب ما يسترون به العورة، ويقيهم من الحر والبرد. قال عمر بن الخطاب كفى سرفا أن لا يشتهي شيئا إلا اشتراه فأكله وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ (ق) عن ابن عباس «أن أناسا من أهل الشرك كانوا قد قتلوا فأكثروا وزنوا فأكثروا فأتوا محمدا صلّى الله عليه وسلّم فقالوا: إن الذي تقول وتدعونا إليه لحسن لو تخبرنا أن لما عملنا كفارة فنزل وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ ونزل قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ (ق) عن عبد الله بن مسعود قال: قال رجل «يا رسول الله أي الذنب أكبر عند الله قال:
تدعو لله ندا وهو خلقك، قال: ثم أي قال أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك. قال: ثم أي قال أن تزاني حليلة