للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أغلاق الإشكال بين الخصوم ويفصلها. وقال الزجاج: وجائز أن يكون معناه ربنا أظهر أمرنا حتى ينفتح بيننا وبين قومنا وينكشف والمراد منه أن ينزل عليهم عذابا يدل على كونهم مبطلين وعلى كون شعيب وقومه محقين وعلى هذا الوجه فالفتح يراد به الكشف والتمييز.

[سورة الأعراف (٧): الآيات ٩٠ الى ٩٢]

وَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ (٩٠) فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ (٩١) الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كانُوا هُمُ الْخاسِرِينَ (٩٢)

وَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً يعني وقال جماعة من أشراف قوم شعيب ممن كفر به لآخرين منهم لئن اتبعتم شعيبا على دينه وتركتم دينكم وملتكم وما أنتم عليه إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ يعني إنكم لمغبونون في فعلكم فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ يعني الزلزلة الشديدة فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ قال ابن عباس وغيره: فتح الله عليهم بابا من جهنم فأرسل عليهم حرا شديدا من جهنم فأخذ بأنفاسهم فلم ينفعهم ظل ولا ماء فدخلوا في الأسراب ليبردوا فيها فوجدوها أشد حرا من الظاهر فخرجوا هربا إلى البرية فبعث الله عليهم سحابة فيها ريح طيبة باردة فأظلتهم وهي الظلة فوجدوا لها بردا ونسيما فنادى بعضهم بعضا حتى إذا اجتمعوا تحت السحابة رجالهم ونساؤهم وصبيانهم ألهبها الله عليهم نارا ورجفت بهم الأرض من تحتهم فاحترقوا كاحتراق الجراد في المقلاة وصاروا رمادا، وروي أن الله تعالى حبس عنهم الريح سبعة أيام ثم سلط عليهم الحر حتى هلكوا بها. وقال قتادة: بعث الله شعيبا إلى أصحاب الأيكة وإلى أهل مدين فأما أصحاب الأيكة فأهلكوا بالظلة وأما أهل مدين فأخذتهم الرجفة صاح بهم جبريل عليه السلام صيحة هلكوا جميعا. قال أبو عبد الله البجلي: كان أبو جاد وهوز وحطي وكلمن وسعفص وقرشت ملوك مدين وكان ملكهم في زمن شعيب يوم الظلة اسمه كلمن فلما هلك قالت ابنته شعرا تبكيه وترثيه به:

كلمن هدم ركني ... هلكه وسط المحلة

سيد القوم أتاه ... هلك نار تحت ظله

جعلت نارا عليهم ... دارهم كالمضمحله

وقوله تعالى: الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا يعني كأن لم يقيموا فيها ولم ينزلوها يوما من الدهر يقال: غنيت بالمكان أي أقمت به. والمغاني: المنازل التي بها أهلها واحدها مغنى قال الشاعر:

ولقد غنوا فيها بأنعم عيشة ... في ظل ملك ثابت الأوتاد

أراد أقاموا فيها وقيل في معنى الآية كأن لم يعيشوا فيها متنعمين مستغنين. يقال: غني الرجل إذا انغنى وهو من الغنى الذي هو ضد الفقر الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كانُوا هُمُ الْخاسِرِينَ يعني خسروا أنفسهم بهلاكهم.

[سورة الأعراف (٧): الآيات ٩٣ الى ٩٧]

فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسى عَلى قَوْمٍ كافِرِينَ (٩٣) وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنا أَهْلَها بِالْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ (٩٤) ثُمَّ بَدَّلْنا مَكانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا وَقالُوا قَدْ مَسَّ آباءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْناهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (٩٥) وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ وَلكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (٩٦) أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا بَياتاً وَهُمْ نائِمُونَ (٩٧)

فَتَوَلَّى عَنْهُمْ يعني فأعرض عنهم شعيب شاخصا من بين أظهرهم حين أتاهم العذاب وَقالَ يا قَوْمِ لَقَدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>